شهدت الدوحة، أمس، تشييعاً حاشداً للإعلامي القطري علي حسن الجابر رئيس قسم التصوير في قناة «الجزيرة» الذي قُتل في ليبيا قبل يومين بعدما هاجم مسلحان سيارة كانت تقله مع زميلين بعد اكمالهم مهمة إعلامية شملت مقابلة مع نائب رئيس المجلس الوطني العراقي الانتقالي وزيارة مدينة «سلوق» التي شهدت إعدام الثائر الليبي التاريخي عمر المختار حيث جرى تصوير قبره هناك. وعُلم أن ثلاث رصاصات أُطلقت من الخلف في منطقة الصدر على الزميل الراحل فأصيب في قلبه وهو داخل السيارة وأصيب زميله ناصر الهدار بطلق ناري قرب أذنه، فيما نجا الصحافي بيبه ولد امهادي الذي كان يجلس في السيارة إلى يسار الزميل الشهيد. وفي خطوة لافتة، جرى استقبال جثمان الإعلامي الراحل ووداعه رسمياً وشعبياً، وكان ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في مقدم مستقبلي جثمان الفقيد لدى وصوله إلى مطار الدوحة مساء أول من أمس على متن طائرة قطرية خاصة. وحضر صلاة الجنازة أمس وزير الدولة أمين مجلس الأسرة الحاكمة الشيخ حمد بن ناصر آل ثاني ورئيس مجلس إدارة قناة الجزيرة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني. ووسط حشد من المواطنين والمقيمين والإعلاميين العرب أمّ رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي المصلّين على جثمان الفقيد في جامع علي بن علي قبل نقله إلى مقبرة «مسيمير» حيث رفعت لافتات عليها صور الراحل وكُتب عليها «شهيد الحرية والكلمة»، كما علت عبارات التكبير والشجب لمرتكبي الجريمة ومن يقف وراءهم. وندد القرضاوي بالنظام الليبي وقال إن العقيد معمر القذافي سيسقط كما سقط الرئيسان السابقان في تونس ومصر زين العابدين بن علي وحسني مبارك و «كما سيسقط كل الطغاة». وروى الصحافي بيبه ولد أمهادي الذي كان إلى جوار الجابر لحظة اغتياله، تفاصيل الجريمة وقال إن احدى الرصاصات الثلاث أصابت قلب الشهيد الذي ردد الشهادتين قبل أن ينتقل إلى رحمة الله في مستشفى بنغازي». وقال إن المصوّر الراحل كان قد صوّر في أثناء مهمة أخيرة قبر «شيخ الشهداء» في ليبيا عمر المختار. وقال: «هوجمنا من الخلف في طريق عودتنا إلى بنغازي وكان المهاجمان ملثمين داخل سيارة وأطلقا النار على إحدى إطارات السيارة فأصيب بالتلف وواصلنا السير على رغم ذلك إلى أن وصلنا إلى أقرب موقع حيث كان يوجد الثوار، ومن هناك تم نقل الجابر إلى مستشفى بنغازي حيث انتقلت روحه إلى بارئها». واشتهر الجابر في الوسط الإعلامي في قطر بمهنيته وتواضعه وعشقه للكاميرا باعتبارها أصدق من ينقل صدق المشهد والحقيقة. ونددت مجموعات حقوقية الأحد بمقتل مصور الجزيرة. وأعربت (أ ف ب) منظمة «مراسلون بلا حدود» عن «استنكارها» لاغتيال الجابر، وقالت: «إذا ما كان لا يزال مطلوباً تحديد المذنبين بدقة، فإننا لا يسعنا إلا ملاحظة ان هذا العمل البغيض يأتي في لحظة بعيدة من كونها وليدة الصدفة وتتميز بتصاعد اعمال العنف مؤخراً ضد الاختصاصيين في الصحافة من جانب السلطات الموالية للرئيس الليبي». وقال مالكوم سمارت مدير «منظمة العفو الدولية» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا «يبدو أن طاقم الجزيرة كان مستهدفاً في شكل متعمد وعنيف». واعتبر ان «جريمة القتل هذه التي تأتي بعد وقت قليل على قيام السلطات باعتقال وتعذيب ثلاثة مراسلين من هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) - الذين تعرضوا للضرب وخضعوا لتعذيب عبر محاكاة عملية اعدام - تتسبب بازعاج واضح». وبحسب لجنة حماية الصحافيين التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، فإن الصحافة كانت ضحية لنحو اربعين اعتداء آخر منذ بداية الانتفاضة المسلحة في ليبيا في 15 شباط (فبراير). وهذه الاعتداءات هي: 25 حالة اعتقال، خمسة اعتداءات جسدية، هجومان ضد مقرات وسائل اعلامية وثلاث حالات عرقلة للعمل على الاقل، التشويش على قناتي الجزيرة والحرة الفضائيتين وقطع الانترنت». وأضافت: «ستة صحافيين على الأقل هم في عداد المفقودين».