نحو أربعة أشهر مرت على الأزمة القطرية بعد مقاطعة كاملة من دول عربية داعية لمكافحة الإرهاب في المنطقة، إلا أن الدوحة تتشبث بأن القضية حصار مطبق عليها لا مقاطعة، في محاولة منها لاستعطاف الشعوب مع قضيتها الخاسرة. أربعة أشهر مرت ومسؤولو الدوحة يجوبون العواصم الأوروبية والعالم، وهم يروجون لكذبة الحصار، سعياً للتكسب وإنهاء أزمة بلادهم، إلا أن الجميع يعرف أن الحل في الرياض لا غيرها، ومع ذلك الدوحة تتجاهل حل مشكلتها وإنهاء عزلتها التي باتت اليوم تكبد اقتصادها خسائر ضخمة. وبدا الإصرار القطري على وصف المقاطعة التي فرضتها دول الجوار بالحصار، واللعب على حبل الاستعطاف بدل الانصياع إلى تنفيذ التعهدات والالتزام بالاتفاقات الموقعة، لتلعب على حرب مصطلحات ومواجهة بين الحقائق والتأويلات المشبوهة. وعلى رغم علم قطر ووسائل إعلامها أن الحصار يعني فرض طوق كامل على البلد، بما في ذلك الممرات الدولية، وأن المقاطعة حق سياسي تمارسه كل الدول إذا اقتضت المصلحة ذلك، فإن انتهاج منطق التحريف وتزوير الوقائع يعكس كما يقول كثيرون لجوء الدوحة إلى دفن رأسها في الرمال للهروب من الحقيقة، فإلى قطر هناك طرق عدة سالكة وغير ممنوعة عبر أجوائها المفتوحة ومطارها الدولي، فهناك بحر مفتوح من كل صوب وموانئ كبرى مفتوحة، فلا يوجد ما يمنع من وصول كل شيء إلى قطر فعلياً. ولا يمكن بحسب تقرير بثته «سكاي نيوز عربية» أمس، اعتبار ما يجري حصاراً بالتعريف القانوني أو السياسي، أو حتى مجازياً في اللغة حين التعبير عنها وتوصيفها، فالحصار يعرّف على أنه إحاطة منطقة إحاطة تامة، أو مهاجمة مكان محصن على نحو يعزله عن المساعدة والإمدادات، وهذا لا يشبه حال الدوحة من قريب أو بعيد. فالدول المقاطعة أغلقت أجواءها أمام الطائرات القطرية، ولم تغلق أجواء قطر نفسها ولم تمنع البضائع عن قطر ولم تمنع قطر أيضاً من جلبها من حول العالم. فمفهوم الحصار ليس صحيحاً في حال قطر، بل هو مقاطعة تتضمن إجراءات احترازية، فالدول المعنية في المنطقة، من حقها، قانوناً، تأمين حدودها تحسباً من وصول عناصر متطرفة من قطر التي ترعى الإرهاب وتؤوي الإرهابيين وتهدد أمن جيرانها بل والأمن العالمي، وهو ما دفع السعودية والإمارات والبحرين ومصر إلى إجراءات مقاطعة سلمية كرد فعل طبيعي ولا يقارن في حجمه وأثره بما فعلت الدوحة من إثارة للقلاقل وزعزعة الاستقرار خلال العقدين الماضيين على أقل تقدير في عيون القانون، ما قامت به الدول الأربع يدخل تحت بند السيادة. ويشير وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش إلى أن الهروب إلى الأمام عبر إعادة تعريف مفردات «الحصار» وحقوق الإنسان لا يغطي على قوائم الإرهاب وضرورة تفسير قطر لها والدعم الذي توفره للتطرف والفوضى. ومعالجة جوهر المشكلة كما يقول الوزير قرقاش تأتي عبر تغيير التوجه والتعامل الطبيعي مع المحيط بالنصيحة الصادقة، فدعم التطرف والإرهاب أضر بموقعه وسمعته ولا بد من تصحيح المسار». وبعرف القانون الدولي، يقول الخبير في القانون الدولي أيمن سلامة إن الحصار هو «اتخاذ إجراءات جبرية قسرية بموجب البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة، وبقرار من مجلس الأمن، كالحصار على ليبيا، والصومال، والعراق، والسودان». ويضيف أن إجراءات المقاطعة هي ميدان محفوظ، بلغة القانون الدولي، والعلاقات الدولية منذ قرون خلت. إذن قطر، لا تشبه حالها حالات الحصار التي عرفتها المنطقة تاريخياً مثل ليبيا والعراق والصومال وقطاع غزة، وكل ما في الأمر محاولة لحشد الرأي العام بأسلوب يحاكي أسلوب الجماعات التي تدعهما، كجماعة الإخوان أو حماس، إلا أن الدوحة تسعى لإظهار نفسها على أنها تحت حصار ظالم يجعلها في حاجة للمساعدة لاستنفار المشاعر، ولعب دور الضحية.