تغير مشهد الكدر صفواً، وانقلب الوضع من سيئ إلى حسن، فبعد أن كان زحام المراجعين طوابيرهم الطويلة الممتدة العلامة الفارقة في كل شبر وركن من أركان فروع ومقار مكاتب الأحوال المدنية في جدة، دخلت «التعاملات الرقمية» لتبدل المحال إلى أفضل حال، ويبيت المشهد غير المحكم «سابقاً» كأن شيئاً لم يكن، فلا فوضى، ولا زحام، ولا تكدسات بشرية. ومن خلال جولة نفذتها «الحياة» على مقار وفروع الأحوال المدنية في المحافظة الساحلية، تغير الرقم الصعب عند كل المراجعين، فبعد أقل من شهرين فقط من جولة مماثلة كان فيها زحام المستفيدين من خدمات المقر بعبعاً مخيفاً لكل القادمين، وجحيماً لا يطاق، يكتوي بناره كل من يحاول الاقتراب، تبدلت طوابير الانتظار إلى صالات خالية إلا من قلة قليلة ممن أتوا يصادقون على أوراق أو بطاقات معينة، وتحول المشهد إلى انسيابية عالية في أداء المعاملات وتنظيم مميز في تسييرها والانتهاء منها. وأكد مدير مكتب الأحوال المدنية في جدة خالد الشافعي ل«الحياة» أن زمن زحام المراجعين ولّى من غير رجعة، ولن يعود ثانية، بعد إدخال نظام التعاملات الإلكترونية إلى معاملات المكتب، وأصبح المراجع يقدم طلبه عبر الموقع الإلكتروني للمكتب، ويستطيع أخذ موعده ويأتي لإنهاء إجراءاته من دون تكلف أو عناء، مشيراً إلى أن وقت العمل داخل المقر يستمر إلى الخامسة عصراً ما يتيح لأي مراجع الحضور في أي وقت شاء بعد تسجيل موعده عبر الموقع. ولفت إلى أن هذا الأمر انعكس إيجاباً على أداء الموظف داخل المكتب، فأصبح يؤدي عمله وهو في قمة الراحة والتنظيم، بعد أن كان يتذمر في أوقات سابقة من زحمة المراجعين وتكدسهم، منوهاً إلى أن هذا الواقع أسهم في إتقان أداء المعاملات وسرعة إنجازها للمراجعين، كما أنه منح ثقافةً أخرى لدى الموظفين تتمثل في حب العمل والإخلاص فيه. وصادق أحد المواطنين المراجعين لمكتب الأحوال المدنية سالم العبيدي على صدقية الحال، وتحسنه، ووصوله للمستوى المؤمل منه، وقال ل«الحياة»: «فعلاً تغير الوضع 180 درجة عن السابق، وأصبح هم الزحام والتكدسات البشرية الذي كنا نحمله عند تفكيرنا فقط في الحضور إلى المكتب ماضياً لن يعود، وداءً تخلصنا منه إلى غير رجعة، وأصبحنا نجد كل سهولة وسلاسة في تقديم معاملاتنا وإنهائها». من جانبه، أوضح مدير مكتب الأحوال المدنية الحديث في مركز الأندلس حسن الشمراني ل«الحياة» أن إنشاء الموقع الحديث أسهم في توظيف عدد من الباحثين عن العمل من الشبان السعوديين الذين وجدوا فرصة عمل داخل المقر، مؤكداً أن المكتب يقدم كل الخدمات المتاحة من استخراج بطاقات مدنية ووثائق رسمية وشهادات مواليد ونحوها. وشدد على أن العمل يسير داخل المكتب بكل أريحية وهدوء، ملمحاً إلى أن استحداث هذا الفرع كمكتب مساند أسهم في تخفيف الضغط على الموقع الرئيس، بعد أن حول كثيراً من المراجعين وجهتهم نحوه، خصوصاً أن به قسم نسائي يفتح أبوابه للمراجعات من التاسعة صباحاً حتى الرابعة عصراً.