على بعد أيام من انطلاق الانتخابات في المغرب الشهر المقبل ، عاد موضوع الدخل والطبقات الاجتماعية والتملك الى واجهة الاهتمامات الشعبية، في مناسبة صدور دراسة أعدتها المندوبية السامية للتخطيط، كشفت فيها أن «53 في المئة من سكان المغرب يمثلون الطبقة الوسطى، فيما لا تتجاوز نسبة الأثرياء 4 في المئة». وقدرت حجم الطبقات المتواضعة ب 34 في المئة والميسورة ب 13 في المئة. وأشارت الدراسة المنجزة عام 2007 ، إلى أن 75 في المئة من بين ال 20 في المئة الأكثر ثراء في المغرب، و37 في المئة من بين ال 20 في المئة الأكثر فقراً، تصنف نفسها ضمن الطبقة الوسطى بمتوسط دخل شهري يبلغ 6700 درهم (نحو 820 دولاراً). وقدرت الدراسة، عدد أفراد الطبقة الوسطى ب 17.2 مليون شخص، منهم 10 ملايين في المدن و7 ملايين في الارياف. وتساهم هذه الطبقة في 66 في المئة من مجموع الاستهلاك، و70 في المئة من الادخار الإجمالي، و65 في المئة من الدخل القومي. وهم يتمتعون بمستوى ثقافي وميول استهلاكية، وتتكون من الأطر العليا والمتوسطة والعمال والمزارعين والمتقاعدين وأصحاب الريع والتجار والمهن الحرة والحرفيين والطلاب وربات البيوت والشبان العاطلين من العمل. ولفتت الدراسة، مستندة إلى معطيات البنك الدولي الصادرة في 2006 ، إلى أن الطبقة الوسطى في المغرب «يقل دخلها 8 مرات عن مثيلتها في فرنسا، و 11 مرة عن الولاياتالمتحدة». واعتبرت أن لكل مجتمع طبقته الوسطى وفق معايير محلية وخصائص ثقافية واجتماعية، وتكون غير متجانسة في الدخل والميول والثقافة. وتتميز الطبقات الوسطى بنسبة استدانة مرتفعة، تمثل القروض الاستهلاكية 56 في المئة منها، والقروض العقارية 30 في المئة، وقروض التجهيزات المنزلية وشراء السيارات 18 في المئة. وأوضحت الدراسة أن هذه الطبقات «منشغلة اكثر من غيرها بمصير دخلها (الوظائف) بنسبة 58 في المئة، والمرض والدراسة ومستقبل الأبناء 33 في المئة، والهاجس الأمني 44 في المئة». ورأت أن الطبقات الفقيرة والمتواضعة «تنفق 75 في المئة من مداخيلها الشهرية على التغذية والسكن، في مقابل الثلثين للطبقات الوسطى واقل من النصف بالنسبة إلى الطبقات الميسورة». وخلصت الدراسة إلى أن للطبقات الوسطى «دخلاً يغطي مجموع نفقاتها الاستهلاكية، في حين يفوق متوسط الدخل ب 8 في المئة الحاجيات الاستهلاكية للطبقات العليا، ويقل 12 في المئة لدى الفئات الدنيا والفقيرة. وانخفض عدد الفقراء في المغرب الى نحو 4 ملايين شخص، بينما كان منذ عشر سنوات يغطي 18 في المئة من مجموع السكان. واضطلعت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها الملك محمد السادس في أيار (مايو) 2005، بدور محوري في تقليص معدلات الفقر والهشاشة باستهداف 4 ملايين شخص، وتحسين مستوى الفئات المستضعفة والمهمشة اجتماعياً وجغرافياً. ودعا الملك في خطاب القاه الصيف الماضي، الحكومة والمصارف، الى الاهتمام بالطبقات الوسطى، وتوفير السكن المناسب لتطلعاتها وقدراتها في التسديد، في ظل ارتفاع أسعار العقار في المدن. وانتقدت أوساط ما أوردته دراسة مندوبية التخطيط، واعتبرتها «غير واقعية ولا تعكس حقيقة الفوارق الاجتماعية في البلد»، ونفت وجود طبقات وسطى في الأصل. وأكدت الانتقادات التي وصلت الى البرلمان ووسائل الإعلام وجمعيات المجتمع المدني، «تضرر مداخيل فئة الأطر وموظفي القطاع العام والمزارعين والعمال والحرفيين والتجار من التضخم وارتفاع الأسعار وغياب دور الدولة الاجتماعي، وتأثير العولمة والأزمة العالمية، وانحدروا الى الطبقات المتواضعة، بينما ازداد عدد الميسورين والمضاربين والمنتفعين من أصحاب القرار واقتصاد الريع في قطاعات عدة، ما زاد الفجوة الاجتماعية بين الأثرياء والفقراء. ورأى منتقدون للدراسة، عدم قدرة الطبقة الوسطى التي حُددت لها شقق بقيمة 100 ألف دولار (800 ألف درهم)، على تسديد أقساط القروض والوفاء بالضرورات الاقتصادية والاجتماعية، مثل النقل والتعليم والصحة، (ما يجعلها عاجزة عن تملك سكن متوسط في المدن الكبرى مثل الدارالبيضاء التي تضم 72 في المئة من الطبقة الوسطى) من مجموع سكانها البالغ 5 ملايين شخص. وأكد الوزير المندوب السامي في التخطيط صاحب الدراسة احمد لحليمي، أن الهدف من الإحصاءات المقدمة هو «توضيح الرؤية في أفق إعداد استراتيجية عملية لتوسيع الطبقات الوسطى وتقوية مكانتها الاقتصادية والاجتماعية، وفق منظور حركة الارتقاء الاجتماعي في المغرب ومواكبة التطورات الدولية».