كان صدور الأمر السامي بقيادة المرأة السعودية السيارة، مساء أول من أمس، أشبه بطرح ملف القيادة بأكمله على طاولة السعوديين، ليطرحوا النواقص التي قد تعترض طريق تطبيق القرار، الذي حدد ب«العاشر من شهر شوال المقبل، أي بعد تسعة أشهر، وهي مدة زمنية كافية لفتح مجالات للعمل بحسب الحاجة التي وصفها الشعب بالضرورية»، لقيادة المرأة السعودية وبشكل سلس. كان المطلب الأول «تعليم قيادة السيارة»، إذ أطلقت مبادرات أسرية بداية، ليتولى الأب والأخ ومن هم في نطاق المحارم تعليم قريباتهن قيادة السيارة، كانت تلك المبادرات من دون مقابل، في حين اشترط البعض الآخر مقابلاً مالياً اعتبرته الأسرة زهيداً، مقابل خدمة وتعليم مستدام، البعض الآخر ينتظر موعد إجازة المبتعثات، لتتولى النساء تعليم النساء، وتعددت مواقع التدريب، إلا أنها حملت ذات الصفة، البر والمخططات الجديدة، التي تخلو من المارة. منذ مساء الثلثاء وبعد إعلان قرار قيادة المرأة السيارة وقع اختيار السعوديات شرقي البلاد على البحرين، لاستخراج رخصة قيادة، بعد التدريب من المقربين، وأعلنت العديد من السعوديات حصولهن ومنذ فترة طويلة على رخصة قيادة بحرينية، كما أعلن البعض عن «تقديم محاضرات، وتدريب ميداني، مع استخراج رخصة القيادة البحرينية، وذلك بمبلغ مالي». ولم تقتصر الاستثمارات في هذا المجال على تعليم القيادة فقط «فهناك من أعلن عن رغبتهن في شراء سطحة للسيارة تعمل عليها امرأة، وتساءل البعض منهن عن أماكن تلقي دورات تدريبية في تصليح السيارات على اختلاف أنواعها وأعطالها لافتتاح ورش نسائية، وتساءل البعض الآخر عن توظيف سيدات في كل من المرور ونجم لتخطيط الحوادث». الكاتبة والناشطة الاجتماعية عالية آل فريد، لم يتوقف هاتفها عن الرنين بعد الإعلان وقالت في تصريح ل«الحياة»: «الكل له رغبة في تعلم قيادة السيارة، ولعلمهم بأني أجيد ذلك وأمتلك رخصة قيادة دولية انهالت الطلبات لتعلم القيادة». وأكدت آل فريد: «بدأت في قيادة السيارة للمرة الأولى قبل 8 سنوات، ولم يكن دافعي القيادة للقيادة فقط، فهناك ما دفعني لذلك، حالي الصحية تحتم علي التوجه إلى المستشفى بشكل يومي لأخذ علاج معين عن طريق الحقن، انشغال زوجي الدائم فهو رجل أعمال، وانشغال أولادي بأعمال خارج المنطقة، السائقون وعدم التزامهم، إضافة إلى إصابة عمتي بمرض السكري الأمر الذي يجعلها كثيرة التردد على المستشفى فتعلمت القيادة وحصلت على الرخصة». وأضافت: «يعلم الجميع أني أجيد قيادة السيارة، الأمر الذي يدفع بالبعض للتواصل معي حال الضرورة وكثيراً ما نقلت سيدات من منازلهن إلى المستشفى، أو أقل كبيرات السن إلى حيث وجهتهن بعد توقفهن في الشارع لساعات وقت الظهيرة لقضاء حاجاتهن، إما للبنك أو المستشفى، وكنت أقوم بذلك». وتابعت: «بلا شك للقرار أهمية كبرى وعظيمة، فعلى الصعيد العام يرفع الحرج المأخوذ عن المملكة والمستمر دائماً من المؤسسات والمنظمات والدول في المحافل الخارجية، ويتيح هذا القرار الفرصة للتعرف على المرأة السعودية وشخصيتها، ويسهم في تحسين الصورة حولها بشكل أوسع وأكبر، في جانب الانفتاح والتواصل والتعرف على الآخرين، ويفتح هذا القرار أبواباً واسعة من التقدم للمرأة السعودية على كل المستويات». وأردفت: «جاء القرار ليضفي منجزاً للمرأة السعودية يعزز أهميتها ومكانتها، يحترم حقوقها، ويمكن حضورها وإثبات قدراتها على أرض الواقع في العطاء والبناء والعمل والتنمية، ويدفع بمستوى تمكينها في سوق العمل، إذ سيذلل أمامها الكثير من الصعاب ويقلل من نسبة المشكلات التي تتعرضها وتواجهها، بالذات في استنزاف الأموال وهدر موازنة الأسرة التي تقضى للسائقين ومتطلباتهم، فتكون حينها متمكنة في استقلالها وانتعاشها الاقتصادي». واختتمت حديثها بالتأكيد على أن المجتمع السعودي واع وثقتنا بتربية أبنائنا وشبابنا وباحترامهم للقوانين والأنظمة كبيرة، كل ما نحتاج إليه زيادة هذا الوعي بمتطلبات هذا القرار ودعمه بالإجراءات الإدارية والتنظيمية.