لندن، رويترز، بكين، سنغافورة - رويترز - تراجعت أسعار النفط أمس مع ارتفاع مؤشر الدولار، وسط مخاوف جديدة في شأن انتعاش منطقة اليورو، بينما لم تزل أخبار القتال في ليبيا تستأثر باهتمام السوق. وطلبت بلدة البريقة في شرق ليبيا من ناقلات مغادرة موائنها لنفاد المخزون. وهبطت العقود الآجلة لخام «برنت» 2.12 دولار مسجلة 113.82 دولار للبرميل بينما تراجعت العقود الآجلة للخام الأميركي الخفيف 1.92 دولار وبلغت 102.46 دولار للبرميل معوضة بعض خسائرها، بعدما انخفضت أكثر من دولارين في وقت سابق من الجلسة. وتزامن ذلك مع طلب ليبيا من ناقلات نفط في موانئ عدة، المغادرة إذ نفد مخزون الخام في منشآت التخزين بسبب تعطل الإمدادات من الحقول النفطية نتيجة أسابيع من الاضطرابات الاجتماعية، ما دفع سفناً إلى التوجه إلى السعودية والجزائر للحصول على شحنات. وأفاد مصدر في تجارة النفط بأن «السلطات الليبية طلبت من سفينة مؤجرة ليونيبيك، أكبر مشتر صيني للخام، مغادرة ميناء السدرة من دون الحصول على شحنة مزمعة حجمها مليوني برميل من الخام». وأشار إلى إن «مخزون الخام في ميناء البريقة نفد ما أرغم ناقلات على إلغاء شحناتها». وبدأت القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي مهاجمة البنية التحتية لصناعة النفط، إذ ضربت خط أنابيب ينقل النفط إلى ميناء السدرة وقصفت صهاريج تخزين في ميناء راس لانوف النفطي. وأكد المصدر أن «السلطات الليبية أبلغت يونيبيك، أن شحنتها ألغيت وطلبت منها سحب ناقلتها العملاقة من الميناء». وبدلاً من خطتها الأصلية ستتوجه الناقلة إلى الجزائر لتحميل «مزيج صحارى» في نيسان (أبريل) ولن تشتري «يونيبيك» أي خام ليبي للتحميل في نيسان. وأشار المصدر الى أن «يونيبيك أرسلت خطاباً من خلال محاميها إلى السلطات الليبية بعدما تعذر عليها الاتصال بأي من المسؤولين الليبيين لكنها لم تتلق رداً حتى الآن». وهذه ثالث ناقلة تخفق «يونيبيك» في تحميلها بالخام الليبي، ما يرفع حجم الشحنات التي لم يتم تحميلها من ليبيا في الشهر الجاري إلى 4 ملايين برميل. وكانت مصادر تجارية أكدت أن «يونيبيك» رفضت عرضاً من «أرامكو السعودية» لإمدادها بالخام لتعويض النقص في الإمدادات الليبية. وفي الشهر الماضي أبلغت مصادر في القطاع وكالة «رويترز» أن «يونيبيك التي تشتري بين 3 ملايين برميل شهرياً و4 ملايين من الخامات الليبية، فشلت في استئجار ناقلة لتحميل الخام الليبي في 12 الجاري، في مقابل 3.85 مليون دولار نتيجة مشكلات في ميناء التحميل». وأوضحت إن «الشركة ألغت أيضاً شحنة كان من المنتظر تحميلها في اليوم ذاته من ميناء مرسى الحريقة إلى نينغبو في الصين». وقال متعامل لدى شركة «تكرير» في شمال شرقي آسيا: «الطلب من الصين وشمال شرقي آسيا على نفط غرب أفريقيا وشمالها، يتراجع بسبب العلاوات المرتفعة لهذه الإمدادات أكثر من كلفة الإمدادات الخليجية، لذلك فإن تأثير إلغاء شحنة يونيبيك سيكون محدوداً». وأضاف: «في هذه الحالة ربما تكون يونيبيك اختارت الخام الجزائري لأن الناقلة في البحر المتوسط». وترك الكثير من شركات النفط والشحن العالمية ليبيا، ثالث أكبر منتج للنفط في أفريقيا، ما أصاب الصادرات الليبية بالشلل. وقال مدير استئجار الناقلات لشركة «تانكرسكا بلوفيدبا» الكرواتية ايفيتشا بياكا: «لن نذهب إلى هناك في الوقت الراهن»، مؤكداً أن «عملية تحميل الناقلة فرانكوبان التابعة للشركة من ميناء البريقة ألغيت لعدم كفاية المخزون». وتم تحميل 51 ألف برميل يومياً في ميناء البريقة في كانون الثاني (يناير). وتمكنت تانكرسكا -التي تعتبر ليبيا الميناء الرئيس لمعظم ناقلاتها العشر- من تحميل ناقلتي «افراماكس» حمولة الواحدة منهما 80 ألف طن، في البريقة في الأسابيع الأخيرة التي سبقت نفاد المخزون. والآن تبحث السفن التي تم تحويل وجهتها من ليبيا، عن شحنات في سيدي كرير بعدما شرعت السعودية في ضخ مزيد من النفط لتعويض نقص الإمدادات الليبية. وزادت المملكة الإنتاج إلى 9 ملايين برميل يومياً متجاوزة المستوى المستهدف المتفق عليه في «أوبك» بنحو مليون برميل يومياً. وقال بياكا: «أصبح سيدي كرير أكثر نشاطاً وهناك سفن تتجه إليه». ويبحر ما بين 10 ناقلات و15 ناقلة «افراماكس» في البحر المتوسط من دون شحنات، ما يضغط على أسعار الشحن في المنطقة. إلى ذلك، أكد أمس مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي جونتر اوتينغر، إن «الاتحاد لا يواجه خطر حدوث عجز نفطي بسبب القتال في ليبيا، والزعيم الليبي معمر القذافي لا يستطيع ابتزازه». وأضاف في حديث إلى إذاعة «دويتشلاند فونك»: «في السوق الأوروبية بأكملها نستورد 2 في المئة فقط من نفطنا من ليبيا، لذا لسنا عرضة للابتزاز من جانب القذافي». وتابع: «لدينا مصادر معقولة.. بدأنا منذ شهور تخزين النفط في أوروبا والسوق تتمتع بالمرونة. هو الذي يعتمد علينا وليس العكس».