بدأت دول مجلس التعاون الخليجي منذ تراجع أسعار النفط، اتخاذ خطوات جدية للتعاون في ما بينها في مجال تطوير قطاع السياحة البحرية، في إطار تنويع مصادر الدخل، الذي بات الاتجاه السائد في المنطقة. وقدرت مصادر في القطاع، أن موانئ منطقة الخليج استقبلت ما يزيد على ثلاثة ملايين سائح خلال السنوات الأخيرة، إذ تنطلق الرحلات البحرية من «جزيرة المرجان» و «كورنيش الدمام» و «قلعة بوماهر» و «ميناء راشد»، مدة أسبوع إلى وجهات مختلفة في منطقتي الخليج العربي وخليج عمان. وخلال السنوات الأخيرة، زاد اهتمام قطاعات السياحة في دول الخليج بالرحلات البحرية، وتوسعت إلى وجهات مختلفة داخل منطقة الخليج وخارجها، لتشمل دول أوروبا وأميركا ودول شرق آسيا وأفريقيا. ولاحظ خبراء في القطاع أن التعاون القائم بين دول الخليج خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ساهم في تقدم صناعة السياحة البحرية، التي «لم تكن تلقى الاهتمام الكافي في السابق، ولم تُستغل جيداً على رغم الإمكانات الكبيرة في المنطقة، من موانئ وفنادق وشواطئ مثل البحر الأحمر في السعودية، وخليج عمان والخليج العربي في الإمارات»، وفقاً لما قاله رئيس شركة «العابدي للسياحة» سعيد العابدي ل «الحياة». وأكد وزير تطوير البنية التحتية رئيس مجلس إدارة «الهيئة الاتحادية للمواصلات البرية والبحرية» في الإمارات عبدالله بلحيف النعيمي، أن «نمو قطاع السياحة البحرية المحقق أخيراً، يعكس المستوى الريادي الذي وصلت إليه الإمارات باعتبارها واحدة من أفضل الدول عالمياً في مؤشرات الموانئ البحرية». ولفت إلى أن «هذا النمو المطرد يمثل دفعة قوية» لملف ترشح الدولة لعضوية مجلس «المنظمة البحرية الدولية» للفئة «ب»، في خطوة لتعزيز دور الدولة في دعم مسار تطوير القطاع البحري العالمي من خلال المشاركة في وضع الأنظمة والقوانين الناظمة للقطاع البحري وإنفاذها. وأشار إلى أن «نمو أعداد الرحلات البحرية في الموانئ الإماراتية يعزز مكانة القطاع البحري المحلي كلاعب محوري على الخريطة البحرية العالمية»، مضيفاً أن «الإمارات تولي أهمية كبيرة للقطاع البحري بكل جوانبه، خصوصاً السياحة البحرية التي يتنامى دورها في تطوير التجمع البحري المحلي، لتبرز كإحدى العوامل الدافعة لعجلة النمو الاقتصادي وتعزيز القطاع السياحي وحفز التنويع الاقتصادي». وتشهد البنية التحتية السياحية في دول الخليج توسعاً سريعاً لاستيعاب التدفق المتنامي لسياح الرحلات البحرية، في وقت تُنفّذ مشاريع طموحة لتحسين جودة البنى التحتية للموانئ، ما يشجع خطوط الشركات العالمية على إدارة عملياتها التشغيلية وتسيير رحلات بحرية عبر الموانئ المحلية، في تأكيد قوي على المكانة المتنامية للدولة كوجهة متميزة للسياحة البحرية. وتبرز إمارة أبو ظبي باعتبارها وجهة مفضلة للسياحة البحرية، حيث يحتضن ميناء زايد «محطة أبو ظبي للسفن السياحية»، والتي تُعتبر الأحدث في المنطقة والمنفذ المثالي للمسافرين بحراً إلى أبو ظبي. وتضم أيضاً عدداً من أهم مشغلي الرحلات البحرية والذين يتخذون من ميناء أبو ظبي مقراً. ونفذت أبو ظبي مبادرات هدفت إلى تطوير قطاع السياحة البحرية، الذي بات يشكل أحد مرتكزات استراتيجيتها للتنويع الاقتصادي، إذ افتُتتح في نهاية العام الماضي شاطئ «جزيرة صير بني ياس» في المنطقة الغربية أمام السفن السياحية، ليصبح محطة التوقف الشاطئية الوحيدة للرحلات البحرية في منطقة الخليج العربي. وتتواصل مسيرة تطوير المرافق ذات الصلة بالسياحة البحرية وتوسيعها، فضلاً عن عقد شراكات استراتيجية مثمرة مع خطوط الرحلات البحرية، ما يدفع عجلة نمو قطاع الرحلات البحرية في السنوات المقبلة. وشهدت دبي ارتفاعاً ملموساً في أعداد السياح البحريين والرحلات البحرية خلال موسم السياحة البحرية 2016-2017، بمعدل 15 و18 في المئة على التوالي، مدعومةً بأكبر مرفق موانئ في الشرق الأوسط وأحدثه، وهو مخصص لخدمة السياحة البحرية على مساحة 36500 متر مربع في ميناء يمتد على مسافة 2200 متر. وتُعتبر السياحة البحرية من القطاعات التي بدأت تساهم مباشرة في تعزيز قدرات القطاع السياحي المحلي، تحقيقاً ل «رؤية دبي السياحية 2020». ويستقبل «ميناء راشد» حالياً نحو 650 ألف سائح بحري، في ظل الجهود الحثيثة لاستقبال مليون سائح بحري في الإمارة بحلول عام 2020. ويُتوقع أن يساهم افتتاح خطين ملاحيين جديدين، هما «نورويغيان كروز لاين» و «ثومسن كروزس»، في تحقيق زيادة نسبتها 18 في المئة في عدد الرحلات البحرية في دبي. وتحتضن الإمارة حالياً ما يزيد على 23 شركة عالمية رائدة في مجال تسيير الرحلات البحرية، 6 منها ترسو في دبي ما يعزز مكانتها المتنامية كمقصد رئيس للسياح الدوليين عبر الرحلات البحرية. وفي السعودية، بدأت الشركات السياحية استثمار الجزر والوجهات المطلة على البحر، والتخطيط لدعم السياحة البحرية. وتشهد المنطقة الشرقية تطوراً ملحوظاً في مرافقها السياحية.