سقط نحو 13 قتيلاً وأكثر من مئة جريح في اشتباكات بين مسلمين وأقباط، أثارت تساؤلات عمّن يحركها واتهامات لرموز النظام السابق، خصوصاً أنها جاءت بعد أيام من رحيل حكومة الفريق أحمد شفيق وسقوط مقرات جهاز أمن الدولة في قبضة المتظاهرين. وكانت مواجهات عنيفة وقعت مساء أول من أمس في حي منشية ناصر العشوائي الذي تقطنه غالبية من جامعي القمامة الأقباط، فيما استمرت تظاهرات أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون احتجاجاً على هدم كنيسة في قرية تابعة لمحافظة حلوان. واتهمت المعارضة بعض رموز النظام السابق وقيادات في جهاز أمن الدولة بتغذية الفتنة الطائفية لإسقاط حكومة الدكتور عصام شرف التي تحظى بتأييد ائتلافات وتجمعات «ثورة 25 يناير». ودعت إلى تظاهرة مليونية يوم الجمعة المقبل في ميدان التحرير «لترسيخ الوحدة الوطنية، والحفاظ على ما حققته الثورة من إنجازات». ورأى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي، أن «هدم بيت من بيوت الله جريمة مأسوية تعكس قيماً مختلّة»، منبِّهاً في صفحته على موقع «فايسبوك» أن «مصر الجديدة ستقوم على التسامح والمساواة». وكانت الأحداث بدأت مساء الخميس الماضي في قرية صول التابعة لمركز أطفيح في حلوان (جنوبالقاهرة)، عندما أحرق بعض سكان القرية كنيسة، بعد مشادات بسبب علاقة بين فتاة مسلمة وشاب مسيحي. وتظاهر آلاف الأقباط في وسط القاهرة، مطالبين بإعادة بناء الكنيسة، وهو ما تعهد به الجيش ورئيس الحكومة عصام شرف لاحقاً، لكن المتظاهرين أصروا على عدم المغادرة قبل تنفيذ تلك الوعود. وتصاعدت سخونة الأحداث عندما قطع أقباط مساء أول من أمس بعض الطرق في القاهرة، لتشتعل في المساء عندما وقعت مصادمات في مناطق منشية ناصر والمقطم والقلعة (غرب القاهرة) استخدم فيها الرصاص والزجاجات الحارقة، وأسفرت عن مقتل 13 شخصاً وجرح 140، بينهم مسلمون وأقباط، قبل أن تتدخل قوات الجيش لفضِّ الاشتباك. وألقى عضو «الجمعية الوطنية للتغيير» جورج إسحاق، بمسؤولية الأحداث الأخيرة على «فلول الحزب الوطني والقيادات القبطية المتطرفة والسلفيين الذين يحاولون النيل من الثورة البيضاء، ويحاولون إجهاضها لمصلحة النظام السابق، أو من أجل أهداف صغيرة ليس مكانها الآن». وأكد ل «الحياة» أن «الثورة أذابت الطائفية، ولم تعد موجودة بالفعل، والنعرة الطائفية مرفوضة الآن، والتظاهر من أجل مطالب فئوية أو طائفية هو تعطيل لعجلة التنمية ومحاولة لوأد الثورة وإعادة النظام السابق من خلال تمكين أنصاره من الحكم». واتخذت جماعة «الإخوان المسلمين» الاتجاه نفسه، واتهمت «بقايا النظام السابق» بالوقوف وراء أحداث الفتنة الطائفية. وقال مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع في بيان أمس، إن «فلول النظام البائد تقف وراء محاولة إشعال الفتن وإحياء العصبيات والنعرات الطائفية وغيرها، من أجل تمزيق نسيج الشعب والوطن». وأكد أن «هذه الفلول استخدمت أسلوب فرِّقْ تَسُدْ، واستغلت حادثة كنيسة أطفيح، وأثارت مجموعة من المتعصبين المسلمين للرد على المسيحيين بحادثة أخرى ليس هذا وقت إثارتها ولا أسلوب حلها». وناشد «العقلاء من أبناء الوطن الواحد تحكيم العقل وتقديم مصلحة البلاد على ما عداها من مصالح وتأخير المطالب الخاصة والفئوية».