لندن، طرابلس، ميلانو - رويترز - لم تدُم التهدئة في أسواق النفط أمس، التي اتسمت بها أول من أمس، إذ برز عاملان رفعا الأسعار مجدداً، وتمثلا في إعلان «أوبك» عدم الحاجة إلى اجتماع طارئ للبحث في زيادة الإنتاج، وشيوع أنباء عن إقفال إحدى أكبر المصافي في ليبيا بسبب معارك ضارية. وتجاوزت أسعار النفط أمس 115 دولاراً للبرميل، في وقت اشتدت ضراوة القتال في ليبيا. وارتفعت العقود الآجلة لمزيج «برنت» خام القياس الأوروبي تسليم نيسان (أبريل) المقبل، دولارين إلى 115.06 دولار للبرميل، بعد أنباء عن إغلاق إحدى أكبر المصافي في ليبيا. وتراجع سعر الخام الأميركي الخفيف 10 سنتات إلى 104.92 دولار، بسبب ضغط من ارتفاع المخزون في نقطة تسليم عقود الخام الأميركي في كوشينغ في ولاية أوكلاهوما، وكان سجل أعلى مستوى خلال الجلسة عند 105.19 دولار. وتُعدّ مصفاة الزاوية أكبر منتج للبنزين في ليبيا، وتبلغ طاقتها الإجمالية 120 ألف برميل يومياً. كما زادت الأسعار بعد إعلان مندوب المنظمة، أنها «لا ترى حاجة إلى عقد اجتماع طارئ للبحث في زيادة الإنتاج». ومن المقرر أن تعقد «أوبك» اجتماعها التالي حزيران (يونيو) المقبل، لمراجعة سياستها الإنتاجية. إلى ذلك، أعلن مسؤول كبير في شركة الناقلات الوطنية الإيرانية، أكبر مشغل لناقلات النفط في البلاد، أن نقص إمدادات النفط الليبية «يعطي الفرصة لمصدرين آخرين من بينهم إيران لبيع شحناتهم». وأوضح أن الشركة «ستضطر إلى إعادة النظر لتقرر إرسال ناقلاتها إلى ليبيا، في حال تلقت طلبات جديدة». وأشار إلى أن ناقلة تابعة للشركة «غادرت ميناء طبرق في شرق ليبيا أول من أمس، محملة بنحو مليون برميل من النفط الخام». وأكد في تصريح إلى وكالة «رويترز» من طهران، أن «ليس لدينا برنامج لإرسال مزيد من الناقلات». ولفت إلى أن «لا طلب لليبيا، وسندرس أي واحد يَرد». وأوقف القتال في ليبيا نحو ثلثي إنتاج النفط في ثالث أكبر بلد منتج له في أفريقيا يضخ 1.6 مليون برميل يومياً من النفط العالي الجودة، ما يعادل نحو اثنين في المئة من الإنتاج العالمي. وتعزز «أوبك» سياسة إنتاجها الرسمية منذ أكثر من سنتين، إلا أنها تعزز المعروض الفعلي منذ شهور استجابة لارتفاع أسعار النفط والطلب. وعرضت السعودية أكبر بلد مصدر للخام في العالم إمدادات إضافية لتعويض الإنتاج الليبي، وأعلنت أول من أمس «تطوير مزيج خاص من النفط الخام القريب من جودة الإمدادات المتوقفة». ويبدي المتعاملون والمحللون تشكيكاً في قدرتها على ضخ ما يكفي من نوع النفط المماثل للإمدادات الليبية العالية الجودة. ورفعت المملكة إنتاجها إلى تسعة ملايين برميل يومياً، ويُتوقع أن يضخ بعض أعضاء «أوبك» الآخرين، مثل نيجيريا، زيادات أقل من ذلك في الأسابيع المقبلة. وأكد مسؤول في مصفاة الزاوية الليبية أمس، أن «معارك ضارية أدت إلى إقفال المصفاة، وهي واحدة من أكبر المصافي الليبية وتقع على أطراف مدينة الزاوية على بعد 50 كيلومتراً غرب طرابلس». وأشار في تصريح إلى «رويترز»، إلى «إطلاق الأسلحة الثقيلة في منطقة قريبة ولا يمكننا تشغيل المصفاة في هذه الظروف». وأعلن الرئيس التنفيذي لشركة «إيني» الإيطالية للنفط باولو سكاروني، أن «الاضطرابات في ليبيا خفضت إنتاج الشركة بنسبة 63 في المئة». وأشار في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز»، إلى أن الشركة «شهدت تراجع الإنتاج إلى حوالى 100 ألف برميل من المكافئ النفطي يومياً، مقارنة بأكثر من 270 ألفاً يومياً قبل تفجر الانتفاضة الشعبية الشهر الماضي». وقدر مستوى الإنتاج في نهاية الشهر الماضي «عند 120 ألف برميل يومياً». وأكد أن «ايني» تواصل إنتاج النفط والغاز بالتعاون مع المؤسسة الوطنية للنفط لكن بمستويات أقل». ولفت إلى أن «الإنتاج هو للشعب الليبي، وإذا كنا قادرين على إنتاج الغاز لسوق الكهرباء المحلية فهو أمر إيجابي للجميع». وقال: «إذا طلب منا المجتمع الدولي عدم الإنتاج في ليبيا فلن ننتج». ويتركز أكثر من نصف الإنتاج في حقل وفا للغاز، الواقع في الصحراء إلى الجنوب من طرابلس ويغذي معظمه محطات كهرباء. وأشار سكاروني إلى «شحنة نفط واحدة على الأقل للمؤسسة الوطنية للنفط من إنتاج «إيني». وأوضح أن الحقول «ليست تحت سيطرة أحد وهي في عمق الصحراء».