ثلاثون لوحة من التصوير الزيتي لسمير المسيري تلعب فيها المرأة دور البطولة، تُعرض حالياً في مركز الإبداع في الإسكندرية حتى نهاية آذار (مارس) الجاري. يُعبِّر المسيري عن انفعالات ومشاعر المرأة المتدفقة أحياناً والمتقلبة أحياناً أخرى، المكتظة بالهواجس والإرهاصات والقلق، ما جعلها شاغلاً يؤرقه في لوحاته ويدفعه الى التساؤل والحيرة والإبداع. يأتي المعرض بعنوان «مشاعر»، تزامناً مع الاحتفالات باليوم العالمي للمرأة التي قدمها المسيري في مختلف حالاتها، فظهرت في بعض اللوحات أماً رؤوماً تحنو على أطفالها، مفكرة مبدعة ذات فخر وكبرياء في لوحات أخرى، لكن غالبية اللوحات التي ظهرت فيها وجوه المرأة عن قرب، يكسوها الحزن والتفكير في المجهول، وتتزايد فيها الشدة الانفعالية، إذ تظهر المرأة مقهورة مكبلة تحت وطأة العادات والتقاليد البائدة. وبين نجاحات وإخفاقات المشاعر، ظهرت قوة ضربات سكينة المسيري التي نشرت الضوء في مساحات محددة أضْفَتْ جاذبية وتألقاً على اللوحة. ورغم بساطة العناصر الفنية التي استخدمها المسيري، إلا أنها عكست زخماً تشكيلياً وفْق العديد من الاتجاهات الفنية التي صال وجال بينها، كالواقعية والانطباعية والتعبيرية. يقول المسيري: «قد تُظهر لوحتك على بساطتها تفاصيل التفاصيل، فمساحة لونية معينة قد تثير في النفس أفكاراً لامتناهية، وقد تحمل لوحةٌ هويةً ومعالم لشخوص من لحمٍ ودم، فإذا بها تنطق بكل مكنونات النفس». ويضيف: «الفنان معني كثيراً بالبحث والتنقيب ودخول لُجّة العدم، والذي يستوجب من المبدع السفر الى المجهول... تفكيكه والانغماس بين علائقه وسبر أغواره وأعماقه واكتشاف اللامكتشَف وإبراز التفاصيل والجزئيات التي تشكل هويات غنية ومتعددة. أجد المرأة تلاحقني في كل أعمالي، فهي مصدر الإلهام الحقيقي الذي أستمد منه نبض ألواني، فالمرأة هي الأم والصديقة والحبيبة... هي الوطن، وهي صانعة الحضارات، ولا تجد نجاحاً إلا وتكون المرأة هي باعثه ومصدر يقينه». وعن بورتريه المرأة، يقول المسيري: «الوجه بوابة عبور إلى أقاصي النفس ومرآة قد تحمل كل مكنوناتنا أو عكسها تماماً. ووجه المرأة يزدحم بالأيقونات والعلامات، وقد يكون مفتاحاً ونظاماً كلياً لدواخل المرأة ومكنوناتها، حيث يتلوّن ويتركب وفق مشاعرها الباطنة والتي لا تستطيع إخفاءها مهما كانت مهارتها. وهذا ما يدفع الفنان، وبقوة، الى البحث حول مشاعر أو وجه المرأة... واللوحات الموجودة في المعرض تتضمن هذا الشيء الذي نلمحه على عجالة، أو الذي يستدعي التأمل بعمق». وعن المعرض، يقول عميد الفنانين الإسكندريين عصمت داوستاشي: «يعود المسيري بمعرضه السنوي الذي يقيمه في الإسكندرية حالياً ثم ينتقل الى القاهرة ليقدم هذا العام رؤية جمالية تعبيرية تحتضن المرأة بين جنباتها في هذا الوقت، والذي يتزامن مع الاحتفالات العالمية بيوم المرأة. ويشير الى أن المسيري «اهتم بتصوير المرأة باعتبارها مصدر إلهام فني، وعَكَسَ في لوحاته أفراحها وأحزانها في حلول جمالية تعد إضافة إلى رصيده التشكيلي المعروف». هذا المعرض هو الثامن عشر لسمير المسيري (من مواليد القاهرة عام 1941). تتلمذ على يد أدهم وسيف وانلي، ولم يلتزم بأسلوب خاص لإحدى المدارس الفنية. تتميز أعماله بالفكر العميق وتتجلى في غالبيتها النزعة الرومانسية، خصوصاً في الأضواء والظلال. وحصد المسيري العديد من الجوائز في مصر والعالم العربي.