استطاع مجلس الشورى السعودي خلال السنوات الأخيرة من الإسهام في سن عدد من التشريعات، ورقابة أداء الكثير من الوزارات وتقديم المشورة والنصح، كما تمكن من مناقشة قضايا حيوية تهم المواطنين، لكن على رغم ذلك فالمواطن لا يزال ينتظر الكثير من المجلسكما أن الكثير من القضايا والمواضيع المرتبطة بالأداء الحكومي تحتاج إلى تفعيل دور المجلس، ويأتي في المقدمة عجز الشورى عن محاربة البيروقراطية التي تكبل أداء المؤسسات الرسمية السعودية، وأعتقد أن سبب فشله في ذلك، هو أن غالبية أعضاء المجلس كانوا إما وكلاء وزارات تنتهج البيروقراطية، أو موظفين كبار ومديري عموم أكل الدهر وشرب من بيروقراطيتهم، وبالتالي فهم لا يشعرون أن هذه «البيروقراطية» وضع يستحق المناقشة أو التعديل، ولا يهتمون بطرحه كقضية مستفحلة تستحق النقاش، كما يفعلون في القضايا الأخرى، التي يحاصرون فيها مسؤولين ويواجهونهم بأسئلة روتينية وتقليدية لا تقود إلى نتيجة أو تحرز تقدماً، بدليل أن الوزارات لا تزال متمسكة بنهجها في العمل من دون أن يحدث أي تغيير. الواضح أن كبار خريجي النهج البيروقراطي هم غالبية أعضاء الشوري الحاليين والمسؤولين الآن عن تقويم أداء مؤسسات الدولة، وبالتأكيد فإن هؤلاء لن ينجحوا في التصدي لهذه القضية. أكاد أؤمن بأن حل الكثير من المشكلات التي تعترض تقدم وفاعلية جهاز الدولة يكمن في منح الخبراء والمختصين في مجالات مختلفة من خارج المظلة الحكومية دوراً أكبر في مجلس الشورى، لرفده بأفكار بعيداً ممن قدموا تجاربهم كافة من خلال مناصبهم ووظائفهم المرموقة في أجهزة الدولة المختلفة، فلماذا لا نخوض تجربة مختلفة، علنا نتخلص من البيروقراطية المقيتة. كما أن وضع الشورى الحالي لا يزال من دون الفاعلية المتوخاة منه، فهو يدور في فلك رفع التوصيات، ومحدودية الصلاحيات، ما يجعل له سقف لا يستطيع تجاوزه، وتحقيق طموحات المواطنين، على رغم أهمية وشجاعة وجرأة الكثير مما يطرح، لكنه في النهاية قد يقتل بتوصية، وقد لا يسمح لهم باستدعاء كل من يرغبون من المسؤولين، وبالتأكيد لن يحاسبوا أحداً، إنما سيناقشون ويوصون بحسب صلاحياتهم. تساؤل... طالب المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، في خطبة الجمعة قبل الماضية، بإعادة النظر في بعض الأنظمة التي تضر بالمجتمع، وحذر - بحسب الخبر الذي نشرته «الحياة» للزميل فيصل المخلفي - من أن «بعض العقود الحكومية لا يتم إرساؤها إلا على جهات معينة لا يمكن تجاوزها لأنها تدفع رشوة»، وأشار إلى رصد موازنات ضخمة لمشاريع لا تستحق هذه الموازنات الكبيرة، وأكد أن هناك مشاريع كبيرة لم تمضِ عليها سوى فترة يسيرة تحتاج إلى ترميم لأنها لا تنفذ بحسب المطلوب. ومثل هذا الحديث من المفتي أمر مهم، يجب التنبه له، وهو ما يحسب للمفتي أيضاً، أما التساؤل الذي نطرحه فهو لماذا لم تنقل خطبة المفتي لصلاة الجمعة في الأسبوع الماضي عبر إذاعة القرآن الكريم، كما هي العادة منذ عشرات السنين؟ وهل العطل الفني هو المتسبب، كما هو متوقع، أم أن أجهزة الإذاعة أوجدت فلاتر جديدة؟! [email protected]