بعد اللجوء الى تقنية زرع السيليكون، وبعد الأخطار التي نجمت عن استعماله، بدأ الطب التجميلي يسعى أكثر فأكثر الى الاعتماد على تقنية جديدة في اصلاح التشوهات والعيوب البسيطة والمتوسطة والبصمات التي تركها الزمن (التجاعيد)، بل حتى في علاج بعض الأمراض. انها تقنية حقن الدهون الذاتية التي تقوم طريقتها على نقل الدهون من الشخص نفسه، من المناطق المكتنزة بالشحم، ومن ثم ايداعها في أماكن أخرى تحتاج اليها، من دون حدوث اي رد فعل من قبل الجهاز المناعي، لأن الدهون تؤخذ من الجسم ذاته. وقبل اجراء عملية الحقن الذاتي للدهون يحدد الطبيب المناطق التي يتم شفط الدهون منها، وبعد الحصول على الكمية الكافية تتم معالجتها وتخليصها من الشوائب العالقة بها، ومتى أصبحت جاهزة يحقنها الطبيب في المنطقة المطلوبة بطريقة معقمة جداً. ويمكن كل امرأة ترغب في تكبير ثدييها أن تستفيد من تقنية حقن الدهون الذاتية من دون الحاجة الى زرع حشوات السيليكون. ويتم شفط الدهون الذاتية بواسطة انبوبة خاصة من منطقة البطن أو من الفخذين أو من الأرداف، وبعد ذلك يجري حقنها بواسطة انبوبة ذات ثقب واحد في الثدي ما يساعد على تكبيره وتحسين مظهره. ويمكن حقن الدهون الذاتية في أماكن أخرى غير الثدي، مثل الخدين، ومناطق تحت العينين وحول الأنف وحول الفم، والفكين، والذقن، واليدين، وأعلى الفخذين، والساقين. وتعطي عملية حقن الدهون الذاتية نتائج فورية، لكن في البداية تبدو المناطق التي تم حقنها متورمة وكبيرة، إلا أن حجمها لا يلبث أن يتراجع تدريجياً مع مرور الوقت. وتظهر النتيجة الفعلية على أرض الواقع في غضون شهرين تقريباً. والدهون الذاتية هي مادة بيولوجية حية تتألف من مزيج من الخلايا الدهنية والخلايا الجذعية النشطة التي تساهم في تجديد الأنسجة، لذا تحتاج الى الغذاء كي تستمر على قيد الحياة، من هنا تستمد رزقها من الأنسجة المجاورة لها. بعضها يستطيع العيش لحصوله على ما يحتاج إليه من الغذاء، في حين أن بعضها الآخر يفشل في نيل ما يلزم فيكون مصيره الموت الحتمي. وتحقق عملية حقن الدهون الذاتية نتائج طيبة، فنسبة نجاحها تقارب 80 الى 90 في المئة. وقد يضطر طبيب التجميل لتكرار الحقن أكثر من مرة لأن قسماً من الخلايا المحقونة يذوب ويختفي، من هنا لا بد من تعويضه في مراحل لاحقة من أجل تحقيق الهدف المنشود. ومن المشاكل التي يتم علاجها بحقن الدهون الذاتية نحافة الساقين التي يجد أصحابها حرجاً كبيراً عند ارتداء ملابس قصيرة أو لدى مواجهة الآخرين، ما يضطرهم الى الانزواء عن أعين الآخرين أو الى ارتداء ملابس فضفاضة تخفي المستور. ويستطيع أصحاب السيقان النحيفة أن يستفيدوا من عملية حقن الدهون الذاتية شرط أن يمتلكوا مخزوناً شحمياً كافياً في محيط الخصر أو في أعلى الفخذين كي يتمكن الطبيب من شفط بعض منها وحقنه في الساقين. وزاد الإقبال على تقنية حقن الدهون في تكبير الأرداف للحصول على جسد ممتلئ وقوام ممشوق، أسوة ببعض الفنانات مثل كيم كارداشيان. وتستغرق هذه العملية وقتاً أطول من غيرها، نظراً الى الحجم الكبير للمنطقة التي تحتاج الى كميات كبيرة من الدهون اللازمة للحقن. ولا يمكن النحيفات الخضوع لمثل هذه العملية، لعدم توافر الدهون الكافية لاستخراجها وحقنها في الأرداف، لكن هذه العملية لا تخلو من المشكلات، مثل الكدمات والتورمات والعدوى والنزف وحقن كميات أكبر من اللزوم وعدم التساوي بين طرف وآخر. لقد ساهمت تقنية حقن الدهون الذاتية في تحقيق ثورة في علاج آلام المفاصل والتهابها وتيبسها وخشونتها، وكذلك في تحسين الوظائف الحركية للمفاصل المصابة. ويتم حقن الدهون داخل المفصل مباشرة من خلال ثقب صغير من دون الحاجة الى التخدير الكامل. وولدت فكرة استعمال تقنية حقن الدهون في المفاصل بعد نشر اختبارات علمية أجريت على حيوانات حُقنت بدهون ذاتية في مفاصل الركبة فكان لها تأثيرات ايجابية مشجعة اذ زاد عدد الخلايا الغضروفية وزادت سماكة سطح المفاصل المحقونة، بالمقارنة مع المفاصل التي لم تُحقن. لا شك أن عمليات حقن الدهون الذاتية أصبحت شائعة الى درجة أنها تحولت الى موضة في عالم جراحة التجميل، لكن على اللاهثين وراء هذه العملية أن يدركوا أنها عملية يمكن أن تحمل معها أخطاراً لا يستهان بها، حتى ولو تمت تحت التخدير الموضعي، مع الأخذ في الاعتبار أن الدهون المحقونة يمكن أن تذوب جزئياً أو كلياً. وهناك حالتان تتبخر فيهما الدهون: الأولى الدهون المحقونة في الوجه بسبب التقدم في العمر. والثانية بعد خفض الوزن بدرجة كبيرة. وأياً كانت المشكلة التي يراد حلها بواسطة تقنية حقن الدهون الذاتية على المريض أن يستشير جرّاح تجميل يملك الخبرة اللازمة، مع التشديد على مناقشة أدق التفاصيل حول العملية ونسبة نجاحها او فشلها، تفادياً لمفاجآت غير سارة.