الدوحة - أ ف ب - مئة عازف من أوركسترا قطر الفلهارمونية، ومئة مؤدٍّ من جوقة «ميتيلدوتشير» أطلقوا على مسرح الأوبرا في حي «كتارا» الثقافي في الدوحة عمل المؤلف الموسيقي اللبناني مارسيل خليفة الجديد «تهاليل الشرق» الذي أراده المؤلف «صرخة تجاه حمامات الدم الذي تغرق به أجهزة السلطوية العربية القمعية». المقطوعة التي قدمها العازفون بإبداع طوال ساعة كاملة، قادها المايسترو السويسري المصري نادر عباسي المدير الفني لأوركسترا قطر الفلهارمونية كما احتضنها كورس إذاعة «ميتيلدوتشر رودفونك» الذي تأسس من أكثر من 60 سنة ويملك في رصيده 200 تسجيل موسيقي. ويقول خليفة إن التهاليل تسترجع الموسيقى الشرقية والعربية التي عرفها في طفولته وبخاصة الطرب والموال والنواح. وهو يصف هذا العمل بأنه يوحّد «ألحان الحياة»، وخصوصاً الأنواع الموسيقية العربية التقليدية مثل القدّ والموشح والدور والطقطوقة والبشرف واللونغا. ويوضح: «في تهاليل الشرق لا أقلد أنغامنا، عوضاً عن ذلك، أدرس التركيبة الهيكلية للموسيقى الشرقية الشعبية وطرق أدائها وجميع مكوناتها من الطرب والموال والنواح، والأصوات الأخرى. وبالتالي هذه هي الموسيقى التي اختبرتها اكثر من قرب في سني طفولتي». ويشرح انه يهدف في «تهاليل الشرق» إلى تقديم الألحان الموسيقية اليومية والنغمات التي تتحدى الوقت والإيقاعات التي تربّى على سماعها بشغف: القد والموشح والدور والطقطوقة والبشرف واللونغا، بطريقة أكثر حيوية. وجعل خليفة مقطوعته امتداداً لثورات الشباب العربي وصرخة من صرخات المتظاهرين. ويقول في هذا السياق: «أشعر بأن كل رصاصة تطلق على متظاهر تطلق على صدري، أشعر بالغضب والاحتجاج الصاخب والثورة تتفجر في صدري ولساني ووجداني، وأنا أرغب في أن أقذفها في وجه كل القتلة». ويروي خليفة قصة الاكتشاف مع «تهاليل الشرق» قائلاً: «سافرت على متن الموسيقى المشتعلة بشهوة الاكتشاف لألمس ذلك النور الذي تزخر به تلك الأقاصي. ربما تكون الموسيقى هي الأوكسيجين في عالم متسخ بالتلوث وهو المكان الوحيد الذي أكون فيه حراً فعلاً». ويضيف انه يقدم هذا العمل «الى شعبي لأن به صرخة الثوار الهادرة في الصدر بهذا العمل. وتحية للأبطال المزروعين في قلوبنا الذين تركوا حكاياتهم يرابطون على باب المعاني ويخرجون إلى الشمس والريح لنشفى من الكآبة ونتصالح مع أنفسنا». مارسيل يريد غرس روح جديدة في الموسيقى الشرقية لنقلها الى آفاق الموسيقى الكلاسيكية، ويوضح ذلك بالقول: «يتمثل مختصر هذه السيرة الموسيقية بوضع اللحن الشرقي مع تعبيره الفريد من نوعه في إطار جديد يحضه الى الأمام عبر التاريخ، وكأنه وسيلة وسيطة للتعبير». ويأمل بأن يتمكن بذلك من نقل هذه الموسيقى «الى آفاق الموسيقى الكلاسيكية العالمية المستوحاة من الفولكلور». ويتابع خليفة: «لا يكمن هدفي في الالتزام بالجماليات الموسيقية البحتة، ولا بحاجة الموسيقي المجردة إلى التعبير الذاتي، بل بهذه الرغبة في مراقبة الحياة ومحاكاتها بواسطة الموسيقى. أحاول أن أصور تميز الشرق». ويعتبر أن «التحدي الكبير كان بتقديم الماضي والبناء والاستناد اليه، ومقاربة المستقبل من دون نقل الماضي كما هو، عبر تضمين التناغم مثلاً، أبقى قريباً من أساليب الشرق لجهة الإيقاع والنغم والمقام والطابع».