بدلاً من تسميتهن «ملائكة الرحمة» كما هو شائع في أنحاء العالم، ينظر إليهن بطريقة مختلفة في السعودية، ممرضات سعوديات يعانين من انتقاص لقيمتهن في الوقت الذي يعتبرن في نظر الكثير «خارجات عن السرب»، بكسرهن لأعراف المجتمع المحليبين النظرات الدونية التي توجه إليهن من بعض زوار المستشفيات أحياناً، مروراً بحالات التحرش اللفظي، ووصولاً إلى الإقصاء المجتمعي المتعمد، إذ تعيش مجموعة من الممرضات السعوديات حياة قاسية، ضريبة قرار توفير حياة «أفضل» للآخرين. حساسية شديدة تتعامل بها شرائح من المجتمع السعودي مع المرأة الممرضة. أم محمد تروي قصة ابنتها التي التحقت بالمعهد الصحي قبل نحو 14 عاماً، وكيف أنها وزوجها ضغطا عليها لترك الدراسة في هذا المجال بعد عام، وهو ما حصل. تبرر الأم موقفها مما حصل، «كنت خائفة ألا يتقدم لخطبتها أحد كما حدث مع إحدى قريباتها التي تقدم بها السن من دون أن تتزوج». لكن الجزء المحزن في القصة أن الفتاة لم تظفر بأي من «الخيارين» فهي لم تتزوج حتى الآن كما تؤكد أمها التي تقول: «بصراحة، لم يتقدم لها أحد. ربما كانت المسألة نصيب. لكن في ذلك الوقت كان جميع من حولنا يردد أن الممرضات لا يتزوجهن أحد، وقد أخرجناها من المعهد بناء على ذلك، وطلبنا منها أن تكمل الثانوية وتلتحق بالجامعة، لكنها لم تنجح في الحصول على النسبة التي تؤهلها لدخول الجامعة وها هي الآن بلا زواج وبلا وظيفة». نورة التي تعمل ممرضة في إحدى المستشفيات الخاصة، تؤكد أنها لم تواجه أية مشكلات في مجال العمل، سوى من بعض المراجعين الذين يحاولون في بعض الأحيان تجاوز أدوارهم بالدخول على الطبيب. وتقول: «أسمع بين الحين والآخر عن تعرض بعض الزميلات اللواتي يعملن في مستشفيات حكومية لمضايقات من المراجعين والمرضى المنومين، لكن لم أسمع منهن حدوث تجاوزات تسيء لهن». في حين تشير سمية محمد التي لا تزال طالبة في كلية التمريض أن أكثر ما يضايقهن تلك «النظرة الدونية» التي توجه إليهن، وهذا ما يجعلها تفكر بين حين وآخر بعدم إكمال الدراسة، لا سيما وأنها تحمل في الأصل مؤهلاً جامعياً في تخصص العلوم. إلا أن ما يدهش هو حديث سمية أن أكثر من يزعج بنات جنسها «على رغم أننا نحاول مساعدة المراجعين من المرضى وذويهم، إلا أن كثيرين ينظرون إلينا كخادمات لا كموظفات، خصوصاً المراجعات من النساء، لدرجة أن منهن من لا تجيب على أسئلتنا الخاصة بحالتها والمرتبطة في مجال عملنا». ويلاحظ المشرف الاجتماعي والتربوي مساعد الطيار تزايد المشكلات والمضايقات للممرضات في المستشفيات، عازياً ذلك إلى سوء فهم العلاقات داخل المستشفيات بين الجنسين، «هناك من لا يفرق بين العلاقات الشخصية والمهنية، ما يؤدي إلى تمادي بعضهم بمضايقة النساء». ويرى الطيار أن الحل في تثقيف العاملين في القطاع الصحي، ووضع ضوابط من وزارة الصحة للوقاية من تلك المشكلات، كوضع إجراءات عقابية صارمة للمخالفين والمعتدين، وعدم ترك المجال للعلاقات الشخصية داخل المستشفى. وفي هذا الصدد وحول ما إذا كان هناك نظام صادر من وزارة الصحة بهذا الخصوص، أوضح مدير الشؤون الصحية في منطقة مكةالمكرمة الدكتور سامي باداوود ذلك في حديثه للحياة بقوله: «تعاقب قوانين وزارة الصحة كل من يثبت تورطه في مضايقات دون استثناء، يشرف عليها إدارة علاقات الموظفين التي تحدد هذه الإجراءات في حال حدوثها واتخاذ الإجراءات النظامية. وأشار باداوود إلى أن هذا النظام مرتبط بموظفي وزارة الصحة، «أما في حال كان المتسبب من غير موظفي وزارة الصحة، فإن الأمر يرتبط بالجهات الأخرى مثل الشرطة أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». حساسية شديدة تتعامل بها شرائح من المجتمع السعودي مع المرأة الممرضة.