منها انطلقت ثورة 17 فبراير الليبية هي «سويس مصر» التي شهدت أكبر قدر من المواجهات في ثورة 25 يناير وسيدي بوزيد تونس التي كانت شرارة ثورة الياسمين. إنها مدينة بنغازي في شرق ليبيا التي عرفت دائماً بصلابة أهلها وممانعتهم. بنغازي التي عمت الاحتفالات شوارعها وضواحيها جنباً إلى جنب مع خيم المآتم لا تنسى طرابلس ومصراتة وصبرانة والزاوية في الغرب. شبابها يستعدون لمواصلة ثورتهم في اتجاه الغرب. على ساحلها ترفرف أعلام المملكة الليبية فوق غالبية البنايات وتغطي السيارات. الشباب يطوفون باللافتات الداعية إلى عدم التخريب. المحال وضعت على أبوابها لافتات كتب عليها: «لا للتعرض لضباط الجيش والأمن العام فهم إخوانكم وأولادكم». صور الشهداء معلقة على غالبية البنايات، وفي المقاهي والمتاجر. الأغاني الوطنية تتردد في كل مكان في المحال والسيارات وحتى الفنادق. بنغازي رفعت شعارات «لا للتدخل الأجنبي» و»لا للقبلية» و»وطنية وطنية لا شرقية ولا غربية» و»الدعاء لإخوانكم في طرابلس». لكن المدينة لم تقف عند حد الدعاء، إذ بدأ شبابها الترتيب لتسيير قوافل إلى الغرب، لدعم الثوار ومن أجل إسقاط كتائب القذافي. أمام مقر جهاز الأمن الداخلي المقابل لساحة المحكمة تجمع مئات الشباب لمناقشة الأمر. انهم متفقون على ضرورة تسيير هذه القوافل، لكنهم مختلفون حول الآليات. ويقول عبد الناصر منصور ل «الحياة» إن الشباب يرتبون من أجل التوجه إلى سرت في طريقهم إلى مصراتة لمساندة ثوارها، مشيراً إلى أن البعض يرى أن السفر في سيارات مدنية غرباً يحتاج إلى ترتيبات خاصة. فالقافلة يجب أن تضم طلائع في البداية، وسيارات تحمل الثوار وأخرى للمؤن والذخيرة والسلاح. لكن الخطر أن تقابلهم كتائب القذافي بعد أجدابيا غرب بنغازي. وهنا سيكون الموت مصيرهم. ويعتبر منصور أن الأمر يحتاج إلى تنظيم ومساعدة من قوات الجيش النظامية التي انضم أفرادها إلى الثوار... تجرى الآن مناقشات مع القادة العسكريين لاستطلاع آرائهم. لكن إبراهيم الفرجاني يخالف منصور في الرأي، فهو يرى أن هذا التحرك لا بد منه الآن خصوصاً أن شباباً كثيرين استطاعوا الوصول إلى إجدابيا في سيارات الدفع الرباعي باستخدام أجهزة ال «جي بي اس»، وساعدوا أهلها في ثورتهم ضد نظام القذافي. وهي تجربة يمكن أن تتكرر في رأس نانوف وبن جواد ثم سرت في الغرب. وقال إن متطوعين يعرفون دروباً صحراوية يمكن أن تساعد في تجنب المرور في ساحل سرت، ومن ثم الوصول إلى مصراتة، ومنها إلى طرابلس. واعتبر أن الحديث عن أن من سيخرج من بنغازي إلى طرابلس سيقتل في سرت هدفه إحباط الثوار وقتل العزيمة فيهم. عبد السلام الأسمر يوافق الفرجاني رأيه. ويرى أنه ومجموعة من أصدقائه وصلوا، وهم مسلحون، إلى إجدابيا عبر الدروب الصحراوية. وقال: «نستطيع أن نتجاوز عقبة سرت وأن حُررت طرابلس ستسقط سرت». مضيفاً: استطعنا السيطرة على إجدابيا مفتاح الشرق. وبالطريقة نفسها يمكن السيطرة على سرت مفتاح الغرب. سرت محصنة لدرجة كبيرة، لكن يمكن تجنبها من خلال الدروب الصحراوية». وشاهدت «الحياة» في بنغازي سيارات، كتب عليها «جيش التحرير الشعبي الليبي». وقالت مصادر إن المجلس العسكري الموقت يسعى إلى تجميع عناصر الجيش في المنطقة من أجل تشكيل وحدات جديدة يمكن استخدامها في أي مواجهة محتملة.