أظهر إحصاء حديث أن الفجوة بين السكان والمساكن في المملكة ضئيلة، خلافاً للتوقعات، وأن فائض المساكن في بعض مناطق البلاد حقق تفوقاً على السكان بنحو 30 في المئة! وكشفت الدراسة الصادرة عن مركز الدراسات والبحوث في وزارة الإسكان السعودية أن «التحليل الممتد بين المساكن والسكان خلال الأعوام ال24 الماضية، أظهر أن الزيادة لمصلحة السكان ضئيلة جداً ولا تتعدى نسبتها 0.04 في المئة منذ عام 1992 من القرن الماضي». وعزت الدراسة خلاصاتها إلى مخرجات الأرقام والإحصاءات الموثقة من تعدادات السكان في المملكة. وذكرت أن المسح الديموغرافي، كشف عن مفارقات أخرى لافتة، على مستوى المناطق الإدارية في المملكة، إذ أوضح أن «جميع المناطق حققت تفوقاً لمصلحة المساكن على السكان، باستثناء أربع مناطق، هي مكةالمكرمة والمدينة المنورة وحائل وجازان، التي حققت نقصاً في مخزونها الإسكاني خلال الأعوام ال24 الماضية، بينما تشير الأرقام نفسها إلى تفوق المساكن على السكان في مناطق، مثل تبوك والقصيم ونجران والحدود الشماليةوالشرقية والجوف والجوف وعسير والرياض والباحة، بنسب راوحت بين 28و4 في المئة»! وكانت «الإسكان» كشفت النقاب عن تلك الأرقام في نشرتها الأخيرة بعنوان: «قراءة لبيانات السكان والمساكن خلال 24 عاماً 1992-2016»، لافتة إلى أن الزيادة في السكان غير السعوديين «هي التي ضغطت على السوق، فاعتبارهم في المخزون السكني مهم ومؤثر في الوقت نفسه، وتجاهلهم يضغط على المخزون السكني للسعوديين»، لكنها على رغم ذلك أكدت أن السوق العقارية ظلت قادرة على تغطية الزيادة السكانية وتوفير العرض المناسب من الوحدات السكنية. الوزارة التي شرعت للتو في ترتيب أوراقها، في عهد ما بعد «رؤية 2030»، بدأت تتحصن بالأرقام، وتبرهن بالأفعال على أنها جادة في تفكيك «عُقد السكن»، التي غدت تحدياً، صاحب أجيالاً من السعوديين، أبصرت فيه النور ولا تزال تعيش فصوله. تحول في تقبل «الشقق»! ومع أن خبراء اقتصاديين سعوديين، مثل الكاتب عبدالله الربيعان، يعتقدون أن «الإسكان» مع «البطالة» ستبقيان مفردتين تخنقان الوطن، إلى أن يوجد لهما حلاً جذرياً، فإن مراقبين لتحركات الوزارة منذ مطلع العام الحالي، وتأثيرها في المشهد الإحصائي، يؤكدون أن خيوط اللعبة بدأت تتكشف، ولم يبق إلا مزيد من الوقت والحكامة، وقطف ثمار السياسات التي أعلنت. وفي آخر إصدار لنشرة الإسكان التي أشير إليها، توثق الوزارة عبر أرقام صادرة عن هيئة الأرصاد باهتمام، نتائج سياساتها التي لم تزل في بداياتها، إلا أنها أعطت مفعولاً سريعاً، مثل زيادة فرص تملك السكن عبر أبواب متعددة، وتراجع الأسعار إلى نحو 20 في المئة في بعض التقديرات، والإيجارات والمواد الإنشائية إلى أكثر من 10 في المئة، في فترة وجيزة. وبينما كان الحصول على الأراضي، وكذا القروض المصرفية معقداً، سهل التنظيم الجديد العملية، وإن كان ذلك بصورة أحدثت ضجة بين أوساط الراغبين في استمرار الآلية السابقة التي ألفوها عبر الصندوق العقاري، لكن المصادر في وزارة الإسكان، جددت ثقتها بكسب رهان ثقة المستهلك مع الوقت، وبرهنت على ذلك بتحولات في مزاج شرائح كانت على سبيل المثال ترفض الوحدات السكنية من نوع «الشقق»، لكنها أخذت تتقبلها الآن بنحو تجاوز في بعض الأحيان 40 في المئة، قياساً إلى مراحل سبقت، ما تفسره بازدياد الوعي بين الشرائح الاجتماعية بالوظيفة السكنية، من دون الارتهان إلى الأعراف الاجتماعية المهيمنة في السابق. ومع أن «الإسكان» حاولت الترويج لهذا المنطق، فإنها تعهدت في تقاريرها أنها لن تفرض على عملائها خيارات لا يتقبلونها بالكلية، ولذلك عملت على إنجاز وحدات سكنية، ذات أحجام واسعة، تلبي رغبات الشرائح المتطلعة إلى سكن من هذا النوع، وصلت مساحات بعضها إلى 500 متر مربع، بأسعار تنافسية، قياساً إلى العروض الموجودة. وأكدت الوزارة، في تصريحات لها، أن الوحدات السكنية التي تقدم للمستحقين مدعومة من الوزارة، مبينة أنه تم تسليم عدد منها خلال الدفعات السبع الماضية التي تم إعلانها. وأوضح المتحدث باسم الاسكان سيف السويلم ل«الحياة» أن الوزارة «تقدم في مشاريعها التي تتوزع على مناطق المملكة وحدات سكنية ذات خيارات متنوعة، تشمل الفلل والشقق وتاون هاوس، متفاوتة المساحات، بما يصل إلى 500 متر مربع، وكذلك متفاوتة الأسعار بمعدل يراوح بين 250 و700 ألف ريال، وهو المعدل السعري الذي يتناسب مع فئات المستحقين للدعم السكني المتقدمين إلى بوابة إسكان». وأشار إلى أن الوحدات السكنية تمتاز بالجودة التي تلبي قدرات المستحقين ورغباتهم، كما أن سعرها مدعوم من الوزارة ويقل عن القيمة السوقية الفعلية، إضافة إلى أنها تتيح للمستحقين إمكان التوسع وإضافة لمساتهم الخاصة، بحسب الحاجة، وتم تخصيص وتسليم عدد منها ضمن المشاريع الجاهزة، ومشاريع البيع على الخريطة، خلال الدفعات السبع الماضية، ضمن برنامج «سكني» الذي يستهدف تخصيص وتسليم 280 ألف منتج سكني وتمويلي في جميع المناطق خلال العام الحالي، وسيتواصل تخصيص مزيد من الوحدات المتنوعة خلال الدفعات المقبلة. وفي وقت شكك فيه متشائمون من الوعود الإسكانية القديمة في قدرة أجهزة الحكومة البيروقراطية على الوفاء بالوعد، الذي قطعته بتقديم 280 ألف منتج سكني في غضون عام، برهنت الدفعات كل شهر على صدقية الالتزام حتى وإن خضعت الآلية من بعض الأطراف للنقد والمحاسبة. ولم تصل الوزارة الشهر السابع (يوليو) مثلاً حتى اقتربت من رقمها المستهدف نهاية، فخصصت 28051 منتجاً سكنياً في جميع مناطق المملكة ضمن الدفعة السابعة من برنامج «سكني»، الذي يستهدف تخصيص وتسليم 280 ألف منتج خلال العام الجاري 2017، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بالرياض في حضور وزير الإسكان ماجد الحقيل، ليصبح إجمالي عدد المنتجات السكنية والتمويلية التي أعلنتها الوزارة منذ شباط (فبراير) الماضي 156008 منتجاً. وشملت منتجات الدفعة الجديدة 7700 تمويلاً مدعوماً بالشراكة مع المصارف والمؤسسات التمويلية، و7807 أرضاً من دون مقابل مالي، و12544 وحدة سكنية ضمن برنامج البيع على الخريطة «وافي» بالشراكة مع المطوّرين العقاريين. وضمت منطقة الرياض 2118 تمويلاً مدعوماً و260 أرضاً مجانية، و5215 وحدة سكنية ضمن برنامج «وافي»، فيما ضمت مكةالمكرمة 1339 تمويلاً مدعوماً و4694 أرضاً مجانية، و4351 وحدة سكنية ضمن برنامج «وافي»، والمدينة المنورة 552 تمويلاً مدعوماً و2131 أرضاً مجانية، والقصيم 695 تمويلاً مدعوماً، و413 أرضاً مجانية، والمنطقة الشرقية 1042 تمويلاً مدعوماً، و309 أراض مجانية، و509 وحدات سكنية ضمن برنامج «وافي»، وعسير 657 تمويلاً مدعوماً، و1488 وحدة سكنية ضمن برنامج «وافي»، وتبوك 256 تمويلاً مدعوماً و900 وحدة سكنية، ضمن برنامج «وافي»، وحائل 212 تمويلاً مدعوماً، والحدود الشمالية 148 تمويلاً مدعوماً، وجازان 168 تمويلاً مدعوماً، ونجران 191 تمويلاً مدعوماً، والباحة 151 تمويلاً مدعوماً، والجوف 171 تمويلاً مدعوماً. وأكد المتحدّث الرسمي لوزارة الإسكان سيف السويلم أن الدفعات المقبلة ستشمل مزيداً من المنتجات السكنية والتمويلية للوصول إلى العدد المستهدف في نهاية المطاف. ولفت إلى أن الوزارة تعمل مع كل دفعة على إنهاء إجراءات المستحقين، الذين تم تخصيص الوحدات السكنية الجاهزة لهم، وفقاً لرحلة المستفيد المعلنة مسبقاً، والتي تشمل الموافقة المبدئية والمعاينة وصولاً إلى القبول النهائي، مشيراً إلى أن الأراضي المخصصة تشمل عدداً من المحافظات والمراكز ومن دون مقابل مالي. «التنمية العقاري»: تقليص مدة الانتظار من 11 إلى 5 أعوام.