استقطبت قاعة «سينمائية» في مخيم دعوي يقام في مدينة الخبر، عشرات الشبان، الذين تسمّروا أمام شاشتها، ينظرون بتركيز وإنصات إلى فيلم يعرض عليها، فهي تحاكي في دواخلهم رغبات ربما تطالب بوجود سينما في المملكة، ولتعذر وجودها كانوا يضطرون إلى قطع عشرات الكيلو مترات لمشاهدة السينما في البحرين، ثم العودة أدراجهم من جديد. وعلى رغم الاختلاف حول ماهية ما يعرض في هذه السينما، إلا ان الاتفاق قائم بين الشبان، على أن السينما لا تعدو أن تكون «قالباً ترفيهياً يُعبّر عما تضعه فيه من أفكار وقيم ومبادئ». وتتناول الأفلام المعروضة مواضيع مختلفة، مثل: المحافظة على الصلاة، وبر الوالدين، والتوحيد، والتفحيط وقيمة الصحة... وغيرها من المواضيع. وتعامل القائمون على ملتقى «شباب الخبر»، الذي ينظمه المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في الخبر، ب «مرونة» مع رغبات الشباب، في محاولة «لإظهار مدى سماحة هذا الدين، بعيداً عن أي دعوة قد تشوش فكرهم في رسم صورة غير صحيحة عن المتدين المعتدل». وتم تخصيص قاعة في الخيمة الشبابية أطلق عليها «هداية يوتيوب»، مُجهزة ب «أحدث الوسائل التقنية، وتتسع ل30 شخصاً، وتعرض كل يوم فيلماً مختلفاً». وقال مدير غرفة سينما «هداية يوتيوب» محمد الشهري، ل «الحياة»: «قمنا بجمع نحو 400 مقطع من الموقع الاجتماعي الشهير «يوتيوب»، وقمنا بعملية مونتاج لها، بما يتوافق مع الضوابط الشرعية، ثم أدخلنا عليها رسائل وتوجيهات ومقاطع خاصة لأحد الدعاة، تتناول الموضوع المطروح في هذا الفيلم»، مضيفاً «عكف على هذا العمل طاقم متكامل من شباب الملتقى، الذين قاموا بعملية مونتاج للأفلام، بإشراف الشيخ محمد المنجد، الذي قام بدوره بإجازتها شرعياً». ونفى الشهري، وجود «تعارض بين السينما وبين الدعوة، فالحكمة ضالة المؤمن، والسينما أصبحت تستهوي كثيراً من الشباب، والداعية ليس في صومعته لا يخرج إلى الناس، وينظر ماذا استجد في حياتهم، ويسخر ذلك في المجال الدعوي، وأهل الدين أحق من غيرهم في تسخير هذه الوسيلة لخدمة الإسلام وشبابه». ولاقت القاعة السينمائية تجاوباً من جانب الشباب. وقال عزام الفارس، وهو أحد زوار الملتقى: «على رغم حداثة التجربة، وما تحمله من أخطاء فنية، إلا أنها تؤكد على تغير في توجه المخيمات الدعوية، من استخدام وسائل دعوية تقليدية، مثل المحاضرات والخطب، إلى وسائل عصرية تتناسب مع متطلبات الشباب». وقال الشاب محمد القريشي: «كنت متلفهاً لمعرفة ماذا تقدم هذه القاعة، خصوصاً بعد أن رأيت الإعلانات المنتشرة في الملتقى، حول السينما، وكنت مستغرباً من وجودها، بسبب تحفظ المتدينين على وجودها في البلاد؛ لكني سعدت بما شاهدت. وكيف أننا وصلنا لمرحلة جيدة من التفهم، تسمح بالتعاطي مع المستجدات». فيما أبدى علي المهوس، تأثره بما شاهد. وقال: «كانت الأفلام المعروضة توصل رسائل تربوية رائعة، بدلاً من الأفلام الخادشة للحياء، التي تشوه السلوك، وتنشر ظواهر غريبة في المجتمع، وتصرفات لا تتوافق مع قيمنا».