بين ما يلاحظ المشاهد من عجالات الإنتاج الدرامي العربي، تلك «اللهوجة» في تحضيرات «الفنون المكمّلة»، أي تلك التي يعتقد المنتجون والقائمون على العمل الدرامي أنها مجرد «تحصيل حاصل» ولا تؤثر كثيراً على سويّة العمل أو جمالياته، ناهيك عن مصداقيته. هي فنون تلعب دورها خارج مكانها الأساسي، وهو ما يدفع الى الاعتقاد بثانويتها ويمنحها اهتماماً ضئيلاً لا يتناسب مع فكرة تكاملها مع عناصر العمل الأخرى لخلق النجاح. من تلك الفنون بالتأكيد الديكور والموسيقى. نتحدث هنا عن الديكور بمفهوم يتجاوز ترتيب أثاث البيت واختيار مواقع قطعه بما يتناسب جمالياً مع الرغبة في خلق انطباع جميل في أعين زائريه، الى الحديث عن مسؤولية الديكور عن تحقيق «مناخ درامي» يناسب الأجواء الاجتماعية التي يعيشها العمل ويتواصل مع زمنه ومنطقه الحضاري، كما مع الحالة الاجتماعية لمن يمتلكه ويعيش فيه. هنا تبدو «اللمسات» الصغيرة، «الهامشية» ذات أهمية بالغة إذ هي تشيع ايحاءاتها، وتبث معانيها، وتمنح العمل الدرامي بالنتيجة صدقيته المأمولة. في أعمال درامية تلفزيونية عربية كثيرة يسقط الديكور في التنافر مع إيقاعات العمل وأجوائه فنرى نوعاً من التغريب الفادح الذي يجعلنا نصاب كمشاهدين بانفصام مشاهداتنا بين عناصر الصورة ومنطق العمل، بل بين عناصر الصورة نفسها. الشيء ذاته يمكن أن نقوله عن «الموسيقى التصويرية» التي يفترض المنطق الدرامي أن تشيع أجواء تتناسب مع منطق العمل ومناخاته، وهي عادة تفشل في ذلك بسبب من طبيعة الإنتاج العربي المؤسس على العجلة والاهتمام القليل. هل يكفي أن ترافق الحركة الدرامية إيقاعات نغمية من أي نوع؟ أعتقد أن حضور الديكور والموسيقى التصويرية ليس شأناً ثانوياً يمكن تجاوز أخطائه بالحديث عن «قوة الدراما» أي قوة النص والإخراج والأداء التمثيلي، ذلك أن مفهوم «قوة الدراما» ذاته لا يتحقق أبداً دون القبض على حالة سوية في مفردات العمل الدرامي كلها، وذلك ممكن فقط بالاقتناع أن لا شيء ثانوياً. إذ نتحدث عن الدراما فذلك معناه اننا نتحدث عن فن جماعي متعدد المفردات، وهي كلها تستحق العناية لأنها تشارك في خلق النجاح أو تتحمل مسؤولية الفشل.