على رغم أن المسرح السعودي يعدّ من مسؤولية وزارة الثقافة والإعلام وجمعية الثقافة والفنون التابعة للوزارة، إلا أن الجمعية والوزارة لا تزالان غير قادرتين على احياء الحياة المسرحية على مدار العام، وتتوقف الحياة المسرحية التابعة للوزارة عند حد مهرجان المسرح السعودي الذي لا تتجاوز فعالياته أسبوعاً ويقام كل عامين، وكان أول من أطلقه وأسسه هي الجامعات السعودية، مع عدم تجاهل نشاطات وفعاليات تقيمها الجمعيات في المدن، لكنها تظل موسمية ومحدودة. وأمام ذلك، يتنفس «المسرح» في الرياض، دوناً عن كل مدن المملكة، وذلك بسبب احتضان أمانة مدينة الرياض لفعاليات مسرحية أدرجتها ضمن برامجها وخططها المستقبلية لتطوير العمل المسرحي، إلى جانب أنها بدأت تقدم تلك المسرحيات في فعاليات خاصة بها في عيد الفطر من كل عام، وتقدم عروضاً مسرحية تصل إلى أكثر من 15 مسرحية، إضافةً إلى إعادة عرض هذه العروض مرة أخرى على مدار العام بحسب تفاعل الجمهور مع عرض المسرحية. ولم تكتف أمانة الرياض بعرض مسرحيات تستقطب نجوماً سعوديين كفايز المالكي وبشير غنيم وعبدالمحسن النمر وماجد العبيد وسواهم، بل استقطبت الأمانة للمسرحيات التي تمولها نجوماً خليجيين كطارق العلي ومحمد العجيمي. وتقدم الأمانة دعماً مادياً سخياً للعروض الجديدة والعروض المكررة، إلا أن ما بات يُلفت اليوم بعد ثلاث سنوات من هذه التجربة هو أن بعض فرق العمل المسرحي تحاول الاستفادة من الدعم المقدم أكثر من تقديم مسرحية ترتقي إلى ذوق المشاهدين، وفي أحيان كثيرة تعتمد هذه المسرحيات على أسماء كبيرة من دون تقديم فكرة جديدة أو مستهلكة. وكشفت كثافة العروض التي تدعمها الأمانة، مدى هشاشة الأعمال المسرحية على مستوى «النص» الذي يقدم نفسه كنص كوميدي لكنه منزوع «الكوميديا» وضعيف على مستوى المضمون والحبكة والابتكار، وكأن الأمر بات «تجارة» أكثر من كونه مسرحاً بما تعنيه هذه الكلمة، على رغم أن دعم الأمانة يصب في إطار المسؤولية الاجتماعية، وهذا عكس ما يقوم به بعض الفنانين الذين يستغلون دعم الأمانة اللامحدود. وعلى رغم ذلك، يطالب الممثل ماجد العبيد الذي عرض مسرحية «كاش ماكاش» قبل فترة ب «زيادة أجور الممثلين»، لكنه أيضاً يطالب ب«السماح للعائلات بدخول المسرحيات كما حدث في عرض مسرحيته في الجبيل». وعن اعتماد المسرحية على نجم واحد قال العبيد: «الأعمال الكبيرة عادةً تعتمد على نجم واحد فقط، والدليل على ذلك أعمال الفنان عادل إمام، إذ إنه منذ بداية العرض وحتى نهايته يكون هو بطلها إلى جانب الممثلين الآخرين»، مشيراً إلى أن هذا لا ينقص من قيمة العمل. ونفى العبيد ما تردد بأن فريق عمل «كاش ماكاش» استفاد أو استغل أو استخدم ديكورات أعمال مسرحيات أخرى، وقال: «استخدمنا كرسيين «كنب» فقط، وما قيل بأن فريق العمل استخدم ديكورات مسرحية أخرى غير صحيح»، مؤكداً في الوقت ذاته بأن أمانة مدينة الرياض قدمت لهم 80 في المئة من إجمالي المبلغ، وهم قادرون على تأمين كل ما يتطلبه العرض، مشيراً إلى أن جميع ما استخدم في عرض مسرحيتهم يختص بفريق عمل المسرحية. وذكر العبيد أنه لا يعلم بأن «الإكسسوارات» التي استخدمت في مسرحيتهم استخدمت في عرض آخر أولاً، معتبراً أن الذين يلاحظون وجود تشابه بين عرضين مختلفين هم من «يصطادون في الماء العكر». ونفى العبيد ما تردد حول أن فريق العمل استعان بعدد من اللوائح الخشبية والفلين وبعض الكراسي. من جانب آخر، رفض الممثل عبدالعزيز الفريحي الرد على تساؤلات «الحياة» حول استخدام بعض من «ديكورات» عرض مسرحيته «شباب التحلية» التي عرضت على خشبة مسرح مركز الملك فهد الثقافي في الرياض، من القائمين على مسرحية «كاش ما كاش»، واكتفى الفريحي بقوله: «نحن زملاء مهنة ولا نختلف على مثل هذه الأمور»، معتبراً أن الفن رسالة ويجب أن تؤدى بالطريقة الصحيحة. من جهته، أشار الممثل السعودي بشير غنيم ل«الحياة» إلى أن المسرح السعودي كان في سبات عميق لم يفق منه إلا بعدما سبقه المسرح الخليجي بمراحل عدة. وشبّه غنيم ما تقدمه أمانة مدينة الرياض حالياً من العروض المسرحية التي هي في الأساس ليست من اختصاصها «برصاصة لا تصيب ولكنها تؤذي»، معتبراً ذلك رسالة تنويه إلى الجهات المختصة مثل وزارة الثقافة والإعلام وجمعية الثقافة والفنون بأن تستعيد عملها بالشكل الصحيح، وأن تنهض به إلى مستويات متقدمة كما فعلت الدول الأخرى. وعن أجور العاملين في المسرح وما تردد عن عدم تسلّم البعض مستحقاتهم بعد عرض المسرحية، قال الممثل بشير غنيم: «إن جميع من عمل معي من فريق عمل مسرحية «معالي الوزير» سلمت لهم مستحقاتهم كاملةً بعد انتهاء العروض في الرياض، وذلك بعد أن تسلّمنا المبالغ من أمانة مدينة الرياض»، مشيراً إلى أنه تعامل مع فني واحد فقط استعان به من فنيي جامعة اليمامة التي عرضت المسرحية على خشبة مسرحها، وكافأه في مقابل عمله مساعد إضاءة، وعن بقية العاملين والتابعين لجهة المسرح قال غنيم: «لا علاقة لي بهم، وهم مسؤولية جهات أخرى».