في ساحة الجامع الأزهر في وسط القاهرة، وقف حشد من شيوخ الأزهر بزيهم المميز تحت لافتات كبيرة تطالب باستقلال تلك المؤسسة الدينية واسترداد مكانتها، بعدما كان لهؤلاء، وغالبيتهم من شباب العلماء، حضور واضح في قلب ميدان التحرير. ولا يطالب هؤلاء بمطالب فئوية أو شخصية، وإن كانوا يتحدثون عن ضعف رواتبهم وعدم قدرتهم على ملاحقة صعوبة المعيشة، لكن حلمهم الأكبر هو استعادة المكانة التاريخية للأزهر داخلياً وخارجياً. ويقول الشيخ عاطف منجي محمد ل «الحياة»: «تجمعنا هنا كي نقول إنه يجب إطلاق سراح الأزهر، فهو مقيد وتابع للدولة، يعين شيخه رئيس الدولة، ولا يمكن أن تتبع المؤسسة الدينية الحكم أو أن يتبع الدين للحكم». ويضيف أن «المطلب الأساسي لعلماء الأزهر هو تحرير الأزهر الشريف واستقلاله من هيمنة الحكومة وأجهزتها وأحزابها والعودة به إلى سابق عهده». وكان مئات الأزهريين خرجوا عقب صلاة الظهر في مسيرة تجمعت في النهاية أمام مشيخة الأزهر في حي الدراسة القاهري رافعين لافتات تدعو إلى «تحرير الأزهر من قبضة الدولة»، مرددين هتافات تطالب بانتخاب شيخ الازهر، وإلغاء وزارة الأوقاف. وتشدد عضو مجمع البحوث الدكتورة آمنة نصير التي أبدت تضامنها مع مطالب المتظاهرين، على «ضرورة أن ترفع الدولة يدها عن تعيين شيخ الأزهر ليعود بالانتخاب من قبل علماء المسلمين». وقالت ل «الحياة» في اتصال هاتفي: «يجب تحرير شيخ الأزهر حتى لا يكون بمثابة موظف لدى الدولة، وانتخابه سيعيد الحيوية إلى دور الأزهر الشريف وإعادة قيمة مصر في العالم الإسلامي في الوقت ذاته». وطالبت بإبعاد المعاهد الأزهرية من إدارة شيخ الأزهر، «حتى لا ينشغل بمثل تلك الأمور الإدارية، وتترك له مهمة مواكبة قضايا المسلمين ومستجداتها». ورأت أنه «لولا ابتعاد الأزهر عن الساحة السياسية خلال الحقبة الأخيرة لما وجد شيوخ التطرف الساحة خالية أمامهم ليسيطروا على عقول الناس... ليس من مصلحة الأزهر ولا الإسلام الوسطي ترك الأزهر لدوره». وكان للأزهر وشيوخه دور كبير في مجابهة الاحتلال الانكليزي، ومنه انطلقت ثورة القاهرة الأولى والثانية في مطلع القرن التاسع عشر، وهو الذي جاء بمحمد علي إلى الحكم، قبل أن ينقلب الأخير على علماء الأزهر ويسعى إلى تقليص دورهم. في المقابل، يطالب مُنَظِّر «الجماعة الإسلامية» ناجح إبراهيم ب «التكامل بين الحركات الإسلامية والأزهر الشريف، فلا الحركات الإسلامية تظن في نفسها بديلاً من الأزهر، ولا الأزهر كذلك يظن في نفسه محتكراً للإسلام». ويدعو شيوخ الأزهر إلى «إعادة النكهة المصرية إلى الإسلام الوسطي المعتدل، فمصر لها خصوصيتها ولا يجب أن يتم استيراد الإسلام من الخارج ونطبقه في الداخل». وأشاد بشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في تطوير المؤسسة الدينية ومحاولته التغلب على المشاكل التي تعيق طريقها، لكنه طالب ب «أن يقف الأزهر على الحياد ولا يتدخل في مسائل سياسية تفصيلية حتى لا تحسب عليه». ويقول ل «الحياة»: «عندما يكون للأزهر دور في كل شأن سياسي سيكون ذلك بمثابة الانتحار للأزهر. يجب أن يكون دور الأزهر الدفاع عن الإسلام وليس الدخول بقوة في المعترك السياسي».