دخلت ليبيا على خط «ثورة 25 يناير» بقوة، فلم تكن «جمعة التطهير» في ميدان التحرير أمس مصريةً خالصة، إذ رفع المصريون الأعلام الليبية إلى جانب أعلام بلادهم. ولم ينس خطيب الجمعة الدعاء لأهل ليبيا، كما أدى عشرات الآلاف صلاةَ الغائب على أرواح شهداء الثورة الليبية. وعند مداخل الميدان، انتشر بائعو الأعلام، الذين أضافوا إلى تجارتهم عَلَمي ليبيا في عهد المملكة وعلم الجماهيرية الحالي أيضاً. والزبائن غالبيتهم مصريون، فضَّلوا رفع العلم الليبي في هذا اليوم نصرةً لثوار ليبيا. وقال بائع الأعلام محمد إبراهيم ل «الحياة»، إن «تطور الأحداث في ليبيا دفعنا إلى صناعة هذه الأعلام لأننا متأكدون أنها ستلقى رواجاً كبيراً في هذه المرحلة، بعدما اشترى تقريباً كل مصري علم بلاده... توجُّهُنا الأساسي الآن صناعة الأعلام الليبية». وأضاف أن «التجار حرصوا على صناعة العلمين الملكي وفي عهد الجماهيرية، لكن العلم الملكي يلقى رواجاً أكبر». والعلم الملكي بألوانه الأحمر والأسود والأخضر يتوسطه هلال يحتضن نجمة خماسية، لكن إبراهيم أغفل وضع الهلال والنجمة، وإن أكد أنه سيتدارك هذا الأمر في الفترة المقبلة، إذ يرفض كثيرون شراء العلم غير مكتمل، ما دعاه إلى إدخال تعديل يدوي على العلم من أجل إرضاء زبائنه. اللافتات الداعية إلى حماية ليبيا وثوارها من بطش النظام تلف الميدان، وعشرات الشباب يرفعونها. هم حرصوا على كتابتها بالإنكليزية، ربما للفت انتباه المجتمع الدولي إلى ما يدور هناك. هتاف «الجيش والشعب يد واحدة» بات له منافس: «مصر وليبيا يد واحدة»، وهو هتاف ظل الآلاف يرددونه جنباً إلى جنب مع هتافات أخرى تنتقد العقيد معمر القذافي وتدعوه إلى الرحيل، مثل: «يا قذافي غور غور (ارحل)... خلّي ليبيا تشوف النور». خطيب الجمعة في ميدان التحرير الشيخ مظهر شاهين، خصص جانباً من خطبته للهجوم على القذافي ونظامه، ولدعوته هو وأبناؤه إلى الرحيل عن ليبيا «وحقن دماء المسلمين». وقال: «نطالبه بالتنحي... ارحل وعارك في يديك، لا تنتظر صفحاً، فالدماء ما زالت تلوث راحتيك، وعلى يديك دماء شعب آمن والليالي السود شاهدة عليك، ودماء بنغازي شاهدة عليك، ودماء الأبرياء في ليبيا ودماء العار في ليبيا شاهدة عليك». ودعا أهل ليبيا إلى الصمود. وحرص الشيخ محمد جبريل، الذي أمَّ المصلين، على ذكر ليبيا في دعائه، ودعا الله أن «يحفظ دماء الإخوة في ليبيا»، وأن «ينتقم من القذافي». من جهة أخرى، أعلن ابن عم الرئيس الليبي أحمد قذاف الدم استقالته من أي منصب رسمي يشغله داخل النظام «احتجاجاً على أسلوب معالجة الأزمة». وقال قذاف الدم في بيان وزع على وسائل الإعلام في القاهرة أمس، إنه «غادر ليبيا منذ أسبوع احتجاجاً على أسلوب معالجة الأزمة، مقدماً استقالته (أول من أمس) احتجاجاً على هذا النهج». ودعا إلى «وقف حمام الدم والاحتكام إلى العقل من أجل ليبيا ووحدتها ومستقبلها التي هي فوق الجميع». في غضون ذلك، استقبل مستشفى السلوم العسكري أول من أمس الطيار الليبي العقيد عبدالسلام عطية موسى (51 عاماً)، الذي رفض قصف المتظاهرين وقفز من طائرته قبل أن تسقط وتتعرض للانفجار، بعد رفضه تنفيذ الأوامر بقصف المدنيين في مدن القطاع الشرقي من ليبيا، بعدما نقله المحتجون الليبيون إلى الحدود بين البلدين. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة أعلن أمس أن عدد العائدين من ليبيا عبر منفذ السلوم في غرب مصر بلغ أكثر من 38 ألفاً.