رويترز، «الحياة» - تزداد الأزمة الاقتصادية والمالية حدة الاقتصاد القطري محلياً ودولياً نتيجة لما يتعرض له من ضغوط تسببت بها مقاطعة الدول الأربعة السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر للدوحة، في ظل محاولات من الأخيرة بإظهار عدم تأثرها بالمقاطعة، وسط مغالطات إعلامية قطرية تعكس صورة مغايرة للواقع أمام الرأي العام القطري. وفي واحدة من أكبر الهزات التي تتعرض لها الدوحة، باعت سلطاتها أحد أهم أذرعها الاستثمارية في أوروبا، الذي يدير جزء من استثمارات العائلة الحاكمة، ويبلغ حجم ما يديره في نهاية 2016 من أصول بقيمة 165 بليون ريال قطري. وفي تفاصيل صفقة البيع، أبرمت شركة ليجند هولدنجز الصينية، أول من أمس (الجمعة)، صفقة للاستحواذ على حصة نسبتها 90 في المئة في مصرف لوكسمبورغ الدولي (بي.آي.إل) من الأسرة المالكة في قطر، مقابل 1.48 بليون يورو (1.76 بليون دولار)، في أكبر عملية استحواذ من شركة صينية، على مصرف إيداع أوروبي حتى الآن. وتشتري ليجند، المالكة لمجموعة لينوفو لأجهزة الحاسب، مصرف لوكسمبورغ الدولي، الذي تأسس قبل 161 عاماً من بريسيشن كابيتال، وهو ذراع استثمارية لأفراد في الأسرة المالكة القطرية، منهم رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني. وقالت ليجند في بيان إنها تجري عملية الشراء لأكبر صفقة استحواذ لها في الخارج، عبر وحدتها بيوند ليب في هونغ كونغ. وكانت رويترز قالت في تموز (يوليو) الماضي إن ليجند تجري محادثات مع بريسيشن في خصوص استحواذ محتمل على مصرف لوكسمبورغ الدولي. وتأتي صفقة الاستحواذ على «لوكسمبورغ» الدولي وسط تدقيق مشدد من الصين على الصفقات الخارجية، التي تبرمها بعض المجموعات الكبرى، في مسعى للحد من ارتفاع الدين الهائل للبلاد، غير أن القطاع المالي ليس مدرجاً في قائمة القواعد الجديدة المقيدة للاستثمارات المتجهة إلى الخارج. وتأسس مصرف لوكسمبورغ الدولي عام 1856 ليصبح أقدم مصرف خاص في لوكسمبورغ، ويعمل فيه أكثر من ألفي موظف، عالمياً، ويدير أصولاً بلغت قيمتها نحو 37.7 بليون يورو في نهاية 2016. وقال رئيس مجلس إدارة ليجند ليو تشوان تشي في بيان: «هذا استثمار استراتيجي مهم لليجند، فالخدمات المالية أحد القطاعات الرئيسة التي تستهدفها ليجند هولدنجز». وأضاف أن «ليجند، ومقرها بكين، تستهدف دعم المصرف وإدارته الحالية ليصبح «بي.آي.إل» علامة تجارية مصرفية عالمية تتخذ من لوكسمبورغ مقراً لها». وتخضع صفقة مصرف لوكسمبورغ الدولي لموافقات تنظيمية، منها موافقة المصرف المركزي الأوروبي ولجنة مراقبة القطاع المالي في لوكسمبورغ، ومن المتوقع استكمالها في الربع الأول من العام المقبل، وسيواصل فريق الإدارة الحالي لمصرف لوكسمبورغ الدولي عمله في المصرف، بينما ستحتفظ فيه حكومة لوكسمبورغ بالحصة المتبقية البالغة عشرة في المئة فقط، وفقاً للبيان. وقال وزير مالية لوكسمبورغ بيير جرامينيا للصحافيين في لوكسمبورغ «نحن سعداء جداً لأن هذا المصرف وجد مشترياً جديداً من الصين، فهي بلد أقامت معه لوكسمبورغ كثيراً من العلاقات، مع العلم أننا لدينا الآن سبعة مصارف صينية أُسست هنا». ويعادل سعر الصفقة، بحسب رويترز، أكثر من مثلي المبلغ الذي دفعته بريسيشن للاستحواذ على مصرف لوكسمبورغ الدولي في 2011، وقدره 730 مليون يورو، إذ كانت الشركة الأم للمصرف آنذاك مجموعة ديكسيا المالية الفرنسية البلجيكية تحتاج إلى إنقاذ من فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ وباعت جميع أعمالها النشطة. ومن خلال الاستحواذ على مصرف لوكسمبورغ الدولي، قالت «ليجند» إنها تتطلع إلى مزيد من التوسع في القطاع المالي الأوروبي وتقديم خدمات للشركات المساهمة في «مبادرة الحزام والطريق» التي تتبناها بكين. ويهدف مشروع الحزام والطريق، الذي جرى الكشف عنه في 2013، إلى بناء «طريق حرير يربط الصين براً وبحراً بجنوب شرق آسيا وباكستان وآسيا الوسطى، وما وراء ذلك إلى الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا». وبينما انخفض إجمالي الاستثمارات الصينية في الخارج وسط القيود المفروضة على رؤوس الأموال الخارجة، ترتفع عمليات الاستحواذ الصينية المرتبطة بمبادرة الحزام والطريق. وانخفض صافي ربح مصرف لوكسمبورغ الدولي إلى 110 ملايين يورو العام الماضي من 134 مليون في 2015، وهو ما يرجع في الأساس إلى عمليات شطب وإعادة هيكلة للنفقات، وفقاً لتقريره السنوي، فيما يعمل غولدمان ساكس مستشاراً لبريسيشن كابيتال.