أبطلت المحكمة العليا في كينيا نتائج انتخابات الرئاسة التي نُظمت في 8 آب (أغسطس) الماضي، وأمرت باقتراع جديد خلال شهرين. ووصفت المعارضة القرار المفاجئ ب «تاريخي»، فيما أعلن الرئيس المنتهية ولايته أوهورو كينياتا أنه «ليس موافقاً» عليه، مستدركاً أنه «يحترمه». واعتبر رئيس المحكمة القاضي ديفيد ماراغا أن الانتخابات «لم تُنظم بما يتوافق مع الدستور»، مشيراً إلى أن المحكمة تُقرّ بأن «مخالفات أثّرت في صدقية» الاقتراع. وأضاف وهو ينطق بالحكم الذي أيّده أربعة من القضاة الستة أن «إعلان فوز كينياتا باطل ولاغ»، إذ «لم يُنتخب ولم يُعلن رئيساً في طريقة صالحة». وتابع أن لجنة الانتخابات «فشلت أو أهملت أو رفضت تنظيم انتخابات الرئاسة في شكل يتّفق مع ما يمليه الدستور»، متحدثاً عن مخالفات في إصدار النتائج. وكان مراقبون دوليون أعلنوا أنهم لم يرصدوا أي مؤشرات إلى تلاعب في التصويت أو عمليات الفرز في مراكز الاقتراع. وأشاروا إلى أن المعارضة لم تجرِ فرزاً موازياً للأصوات ولم تطعن في النتائج، بناءً على بيانات كاملة جمعتها. وأكد كينياتا أنه «ليس موافقاً» على قرار المحكمة العليا، مستدركاً أنه «يحترمه». أما أحمد ناصر عبدالله، محامي الرئيس، فاعتبر أن القرار «مسيّس جداً»، مؤكداً أن لجنة الانتخابات «لم ترتكب أي مخالفة»، لكنه شدد على ضرورة احترام القرار. في المقابل، رحّب زعيم المعارضة رايلا أودينغا، الذي نافس كينياتا في الانتخابات، بالحكم متحدثاً عن «يوم تاريخي للشعب الكيني ولشعوب القارة الأفريقية»، وزاد: «للمرة الأولى في تاريخ الديموقراطية الأفريقية تُصدر محكمة حكماً بإبطال انتخابات رئاسية مخالفة للقواعد. لا ثقة لدينا في لجنة الانتخابات بهيئتها الحالية، إذ ارتكب أعضاؤها أعمالاً إجرامية، معظمهم في الواقع من أهل السجون. بالتالي سنطالب بمحاكمة جميع مسؤوليها الذين سبّبوا هذه الجريمة الوحشية ضد شعب كينيا». وكانت اللجنة أعلنت في 11 آب فوز كينياتا، بنيله 54.27 في المئة من الأصوات، في مقابل 44,74 في المئة لأودينغا الذي سبق أن خسر الانتخابات ثلاث مرات، أعوام 1997 و2007 و2013. وطعنت المعارضة أمام المحكمة العليا بنتائج الانتخابات، مشيرة إلى أن «العملية بأكملها، بدءاً من التصويت والتسجيل والنقل والتحقق وتأكيد النتائج، كانت عرضة لتزوير في شكل لا يمكن فيه الحديث عن نتائج ذات معنى». وقال محامو المعارضة في المحكمة إن العملية الانتخابية «جرت في شكل سيّء وشابتها مخالفات، بحيث لم يعد مهماً معرفة مَن فاز أو مَن أُعلن فائزاً». وأضافوا أن فرز النتائج شابته أخطاء «مقصودة ومحسوبة» لتضخيم عدد الأصوات الذي ناله كينياتا، وتقليل نتائج خصمه. واتهموا اللجنة الانتخابية بالتأخر في إعلان نتائج بعض مكاتب الاقتراع والدوائر، ما أتاح تلاعباً بالنتائج. وتلا إعلان فوز كينياتا يومان من عنف أوقع 21 قتيلاً، علماً أن كينيا كانت شهدت عنفاً دامياً بعد الانتخابات عامَي 2007 و2008، أوقع أكثر من 1200 قتيل.