طلب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس اتخاذ عقوبات ملموسة وسريعة في إطار الاتحاد الأوروبي، بحق المسؤولين عن القمع في ليبيا وتجميد العلاقات الاقتصادية والمالية مع طرابلس حتى إشعار آخر، فيما أعلنت مجموعة «توتال» النفطية الفرنسية بدء تعليق جزء من إنتاجها النفطي في ليبيا الذي يبلغ 55 ألف برميل في اليوم. وقال ساركوزي إن فرنسا ستقترح على شركائها الأوروبيين فرض عقوبات سريعة على الشخصيات الليبية المسؤولة عن العنف «الفظ الدامي» الذي يستهدف المدنيين. وأشار إلى احتمال مقاضاة المسؤولين عن العنف وحظر دخولهم إلى دول أوروبا، كما طالب بمراقبة العمليات المالية المتعلقة بهم. وأضاف أنه يرغب أيضاً في أن «يتم البحث في إمكان تعليق العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية مع ليبيا حتى إشعار آخر». ورأى أنه «لا يمكن الأسرة الدولية أن تبقى في موقع المتفرج حيال هذه الانتهاكات البالغة لحقوق الإنسان»، موضحاً أنه طلب من وزيرة خارجيته ميشال آليو ماري ان تقترح على الاتحاد الأوروبي اعتماد عقوبات ملموسة وسريعة بحيث «يدرك كل المتورطين في العنف، أنه سيتوجب عليهم تحمّل المسؤولية عن أفعالهم». وجاء إعلان ساركوزي غداة انتقادات داخلية شديدة اللهجة للديبلوماسية الفرنسية والفريق الرئاسي الذي يقودها. وأصدرت مجموعة سفراء فرنسيين لم يكشفوا أسماءهم مقالاً نشرته صحيفة «لوموند» تحت عنوان «لا يمكن ارتجال الديبلوماسية»، وانتقدوا سياسة ساركوزي والفريق الذي يعاونه في القصر الرئاسي. واعتبر السفراء أن السياسة التي اتبعها القصر الرئاسي حيال مصر وتونس حددها ساركوزي من دون أخذ التحليلات الديبلوماسية في الاعتبار. ورأوا أن «سياستنا في الشرق الأوسط أصبحت غير مفهومة وعالقة في مأزق وتعزز أوراق سورية»، وأن «الوقت حان لاستعادة سياسة خارجية تستند الى التجانس». وكانت وزيرة الخارجية توجهت برفقة زوجها الوزير باتريك أولبيه في إجازة الى تونس تزامنت مع بدء الاحتجاجات، واستخدمت خلالها طائرة صديق تونسي قالت إن لا علاقة له بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، ليتبين لاحقاً أن الشركة التي يملكها لها روابط مع أقرباء بن علي. ومنذ اندلاع الأحداث في تونس ومصر، تتعرض ديبلوماسية ساركوزي إلى انتقاد شديد في الإعلام والأوساط المعارضة، ما جعله يتخذ موقفاً حازماً إزاء ليبيا. وكان ساركوزي عيّن سفيراً جديداً في تونس هو مستشاره بدريس بوالون، لكن الأخير أثار التونسيين فور وصوله إلى بلادهم، بسبب تصريحات أدلى بها، ما أدى إلى تظاهرة تطالب برحيله دفعته إلى الاعتذار. وبالنسبة إلى مصر، تعرض رئيس الحكومة فرانسوا فيون لانتقادات لأنه أمضى إجازة مع أسرته هناك بدعوة من الرئيس السابق حسني مبارك وتنقل في طائرة وضعها الأخير بتصرفه.