رويترز، تجلس السعودية بارة الشعيبي أمام جهاز كمبيوتر، واضعة سماعة على أذنيها داخل مركز أمني تابع لوزارة الداخلية في مكة لتتلقى بلاغات الطوارئ من المواطنين والمقيمين، إضافة إلى الحجاج الزائرين. وافتتح أول قسم نسائي لتلقي اتصالات الطوارئ في مركز العمليات الأمنية الموحدة (911) منذ أسابيع، وتعمل به شابات حاصلات على مؤهلات عليا ويجدن التحدث باللغة الإنكليزية، ويتعامل القسم مع موسم الحج الذي يتوقع أن يجتذب نحو مليوني مسلم من أرجاء العالم. وعادة ما كان العمل بالجهات الأمنية السعودية يقتصر على الرجال، غير أن الحكومة بدأت في إجراء إصلاحات تدريجية لفتح المزيد من الوظائف أمام النساء في إطار رؤية المملكة لخفض الاعتماد على النفط الذي تعتمد عليه في جني أكثر من 60 بالمئة من دخل البلاد. ومنحت السلطات السعودية في السنوات العشر الماضية فرصاً جديدة للنساء في ما يتعلق بالدراسة والعمل. وقالت بارة (31 عاماً) التي تخرجت من قسم اللغة الإنكليزية بجامعة أم القرى في مكة ل«رويترز»: «المرأة السعودية أثبتت وجودها في مجالات متعددة وهي قادرة على أن تثبت وجودها أيضاً في المجال الأمني». كانت بارة تجلس إلى جوار ست زميلات لها داخل القسم وجميعهن منتقبات، باستثناء واحدة كانت ترتدي غطاء رأس عادي، ويعمل بالقسم عدد آخر من النساء بالتناوب. وفي المقابل، كان عشرات الموظفين الرجال يجلسون في قاعة أخرى كبيرة بالمركز. وعن طبيعة عملها قالت بارة: «يرد الاتصال من المبلغ، ثم أتأكد من الموقع ومن الحالة وأمرر البلاغ للجهة المختصة بأسرع وقت، خصوصاً إذا كانت حالة طارئة مثل الحرائق والإسعافات». وتقول إنها لا تتعرض لمضايقات من المتصلين لكونها امرأة، وتتعامل الموظفات داخل القسم مع أجهزة كومبيوتر مزودة ببرامج حديثة لتلقي الاتصالات، وتحديد المواقع عبر الأقمار الاصطناعية ويردون على اتصالات هاتفية من ذكور وإناث. وتقول النساء إنهن لا يجدن صعوبة في التعامل مع الحجاج الناطقين بالعربية والإنكليزية، وبخلاف ذلك يحولن المكالمات إلى قسم للترجمة يعمل به رجال ويتعامل مع ست لغات مختلفة. وتترأس حصة البادي القسم النسائي داخل المركز، وهي حاصلة على درجة الماجستير من جامعة أميركية، وحاصلة أيضاً على بكالوريوس محاسبة من جامعة سعودية، وهي الأخرى غير منتقبة. وقالت ل«رويترز»: «هذا أول قسم نسائي في الجهة الأمنية، لدينا مجموعة من البنات يتحدثن اللغة الإنكليزية بطلاقة ولديهن مؤهلات عالية وتم تدريبهن على استخدام رقم الطوارئ لتقديم خدمة إنسانية، إضافة إلى المرور والحوادث والحالات الطارئة كالحرائق والإسعاف». وأضافت: «في الحقيقة العنصر النسائي موجود في كل المجالات وجميع الأماكن وفي المستشفيات وفي الشركات، وهي (المرأة) الحين موجودة في الجهة الأمنية، وإن شاء الله راح تقدم الأفضل والأحسن». ومركز العمليات الأمنية الموحدة (911) بمكة هو الأول من نوعه أيضاً على مستوى المملكة ودُشن منذ عامين ويهدف إلى توحيد كل أجهزة الطوارئ والخدمات تحت رقم هاتفي واحد، ويجري العمل حالياً على افتتاح مراكز مماثلة في الرياض والمدينة المنورة والمنطقة الشرقية. وقال اللواء ركن عبدالرحمن محمد الصالح قائد المركز الوطني للعمليات بمكة ل«رويترز»: «الدولة حريصة على مشاركة المرأة إيماناً منها بدورها، والمرأة مماثلة للرجل، وأصبحت الآن موجودة في جميع المحافل في المملكة العربية السعودية». وأضاف: «قسم النساء... نعتبره أيضاً خطوة إلى الأمام لتثبت المرأة أنها تستطيع العمل في أي مكان وفي أي مجال»، وذكر الصالح أن هناك خططاً لتطوير القسم بزيادة عدد الموظفات بالقسم ومنحهن دورات تدريبية متقدمة، وفي ما يتعلق بالحج، قال الصالح إن المركز أكمل استعداداته للموسم الحالي. وأشار إلى أن المركز يتلقى في الظروف العادية نحو 40 ألف بلاغ يومياً تتعلق أغلبها بالأمور الخدمية، لكن يصل عددها في فترة الحج إلى نحو 65 ألف بلاغ يومياً. والمركز مزود بغرفة لإدارة الأزمات وأقسام لمراقبة الحشود والطرق، عبر 400 كاميرا مراقبة أمنية موزعة في مكة ومناطق المشاعر.