أصدرت المحكمة الجزئية في المدينةالمنورة حكماً يقضي بالسجن شهرين والجلد 50 جلدة في مكان عام ضد «عمدة» أحد أحياء «شرق المدينة» (تحتفظ «الحياة» باسمه)، إثر إدانته بالتشهير بمدير شرطة سابق، وتشويه سمعته. وقال مصدر مطلع ل «الحياة» إن خلافاً حول نظامية تواجد وافد باكستاني داخل الحي أطلق شرارة الخلاف الأولى بين العمدة و «الضابط»، إذ اتهم الأول الأخير بالتغاضي عن الأنظمة والقوانين وعدم تطبيقها في حق الوافد، ما أدى إلى توتر العلاقة بينهما وتلفظ كل منهما على الآخر، عقب إصرار الضابط على إطلاق الوافد مستنداً إلى خطاب ورد من «جوازات المدينة» يفيد بامتلاء حجرات التوقيف!. وجاءت اتهامات العمدة في خطابات شكاوى رفعها ضد «الضابط» لمسؤولين في الأمن العام أورد في فحوى بعضها كلمات غير لائقة زعم أن «الضابط» تفوه بها أثناء تواجده في مقر الشرطة لتقديم شكوى نظامية ضد الوافد (بحسب ما ورد في لائحة الاتهام). وأفاد مصدر أمني مطلع في شرطة المدينة «الحياة» بأن عمدة الحي كان تقدم ببلاغ ضد وافد باكستاني أوضح فيه أنه يقيم بطريقة غير نظامية داخل الحي، ويستخدم أوراقاً ثبوتية مشكوكاً في صحتها، وتم تسليمه من طريق الدوريات الأمنية للشرطة المركزية بتاريخ 27/5/1430. وفيما لفت إلى أن خلافاً نشب بين العمدة والوافد على خلفية تعاملات مالية كانت بينهما، أكد المصدر أن «البرنت» الصادر من الحاسب الآلي حينها أفاد بوجود المقيم خارج البلاد منذ مغادرته لها بتاريخ 16/4/1428، وتم إثبات أنه مقيم بصورة نظامية قبيل مغادرته، بينما أثبتت أربع جهات أمنية وحكومية في ما بعد أن الباكستاني تمكن من تزوير دخوله من طريق منفذ سلوى الحدودي في 5/7/1430 أي بعد نحو 40 يوماً من إطلاقه من قسم الشرطة. وشدد المصدر على أن شرطة منطقة المدينةالمنورة أفادت في عدد من خطاباتها، أن المذكور موجود في السعودية بصفة نظامية، وأنه غادر البلاد في 16/4/1428 وعاد في تاريخ 25/7/1428. وتعليقاً على القضية، أكد محامون ورجال قانون ل «الحياة» أن الحكم بإثبات الكيدية على المدعي ليس بالأمر الهين، إذ أشار أستاذ القانون في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عمر الخولي إلى أنه ينبغي التأكد من التصنيف الذي قد يقع خطأً بالكيدية في الأحكام القضائية التعزيرية (السجن أو الجلد)، مشدداً على أن عدم قدرة المدعي إثبات دعواه لا يجعله كاذباً أو قاصداً لمكيدة بالمدعى عليه، وأن إصرار بعض القضاة على هذا التصنيف يُفهم منه أن الشاكي عرضة - لا محالة - للتعزير، ما ينتج منه وجل لكثير من المتضررين وتثبيطهم عن تقديم دعاواهم بلا مبرر، وشأن ذلك أن يقوي الموظف «المدعى عليه» ضد المشتكي، ويؤدي إلى استمرار التجاوزات الوظيفية وتعدي الحدود المهنية. أما المحامي أحمد السديري فأوضح أن ما صدر من أوامر ملكية وقرارات من مجلس الوزراء وتعليمات بشأن تقديم الشكاوى أو الدعاوى الكيدية، وما تم التأكيد عليه أخيراً بتعميم وزير الداخلية المبني على الأمر السامي في شأن ما قضت به المادة السادسة من قرار مجلس الوزراء رقم 94 بتاريخ 25/4/1406ه من قواعد الحد من آثار الشكاوى الكيدية والدعاوى الباطلة، وإحالة جميع الدعاوى التي ترى الجهات الحكومية أو الإمارة أنها كيدية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام للتحقيق فيها وفقاً للنظام، ورفع الدعوى أمام المحكمة المختصة للنظر فيها، ومنها ما نصت عليه المادة الرابعة من نظام المرافعات الشرعية ولائحتها التنفيذية بالفقرات (5/6/7/8)، فإن من شأن ذلك كله أن وزارتي الداخلية والعدل منوطتان بتكييف هذه الدعاوى وتصنيف أفعال أصحابها، لأن الشاكي مسؤول عن شكواه، وما تؤول إليه من تبعات سواء أقامها ضد موظف أو فرد عادي، وإن كان ظاهر النصوص يعلوها شيء من شدة المحاسبة اللاحقة لمقدم هذه الدعاوى الكاذبة. وأضاف: «في حال عجز الشاكي عن إثبات شكواه وتصنيفه بأنه كذب وكيدية، فأكد فقهاء القانون على الفرق بين عدم إثبات الدعوى وبين كيديتها، وهذا ما نراه متوجهاً من ولاة أمرنا الذين لم يُغفِلوا حماية المواطن (الشاكي) وأن ينعم بالاطمئنان وهو يقدم شكواه (الحقيقية) بلا خشية أو وجل، وهذا ما تضمنته المادة 36 من النظام الأساسي للحكم بأن توفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها ولا يجوز تقييد تصرفات أحد إلا بموجب نظام، لأن التوسع بالاجتهاد في حماية الفرد أو الموظف أمر مرفوض، لخشية شمول ما لم يكن بأنه أمر محسوم. من جانبه، قال المحامي صالح الصقعبي: «لاشك أن الضرر الذي يمكن إجباره للمدعى عليه من القاضي في حال عدم ثبوت دعوى المدعي، يتمثل في الحكم له بالمصاريف التي تمثل إرهاقه لمتابعة الشكوى وتسمى «مصاريف الدعوى»، لأن إثبات «ضابط الكيدية» لا ينطبق على عدم إثبات الدعوى.