يعكف المصوّر العراقي حسن الحبيب مع أفراد أسرته على إعداد وإخراج وتقديم برنامج تلفزيوني يحمل عنوان «جريدة واسط الزراعية»، يُنتَج لحساب وزارة الزراعة-مديرية زراعة واسط (نحو 180 كيلومتراً جنوب شرقي بغداد)، ويُقدَّم من خلال شاشة التلفزيون المحلي في المدينة ثلاثين دقيقة أسبوعياً. الحبيب وزَّع الأدوار على أفراد أسرته، بين مخرج ومصور ومصمم غرافيكس ومُقدم، وقال ل «الحياة»: «أنا رب لأسرة عراقية عَشِقَ أفرادها الإعلام منذ الصغر، إذ عملتُ مصوراً لفترة طويلة من الزمن، ثم دخلت ميدان الصحافة، وقد دفعني حب ممارسة المهنة في شكل دائم الى إخضاع أفراد عائلتي لدورات تصويرية منزلية، حتى تمكنت من تعليمهم ألف باء المهنة، لكنّ إصرارهم على تعلم المزيد منها دفعهم الى التفوق والإبداع في ما بعد». واستدرك: «بما أنني أعمل موظفاً في إعلام مديرية الزراعة بمحافظة واسط، عرض عليّ المسؤولون إنتاج برنامج تلفزيوني الهدف منه إرشاد الفلاحين وتوجيههم في شكل يلبي رغبات الوزارة بزيادة الإنتاج، وهكذا كان». الحبيب الذي هيَّأ صالة الضيوف في منزله لاستقبال المهنئين بمناسبة إطفاء الشمعة الثانية على بث أول حلقة من برنامجه التلفزيوني، يقول: «أوكلت مهمة تقديم المادة الإرشادية الى زوجتي وابنتي الطالبة في كلية التربية، فيما تعهَّد ابني علي بمهمة تصوير البرنامج، بمساعدة شقيقه الأصغر الحمزة، الذي أوكلْتُ إليه مهمة تصميم الغرافيكس وإخراج البرنامج، وكل ذلك في منزلي الذي لا تبلغ مساحته سوى 200 متر مربع». وأشار الحبيب الى انه رغم حال الإرباك التي سادت أجواء المنزل بداية الأمر، إلاّ أن الجميع يشعرون بمتعة حقيقية، ولا يمكن وصف سعادته وهو جالس مع عائلته لمشاهدة البرنامج عند عرضه من خلال التلفزيون المحلي». ويرى الحبيب ان «عشق العمل يبدد كل منغِّصاته التي يمكن أن تحصل بين فريق العمل لسبب أو لآخر». وتناول طبيعة البرنامج والفقرات التي يتناولها، مؤكداً أن «مدة البرنامج نصف ساعة، ويضم فقرات، أبرزها الحصاد الإخباري، الذي يسلط الضوء على نشاطات الحكومة في ما يتعلق بالشأن الزراعي، إضافة الى جانب إرشادي للفلاحين، مع مشاهد تمثيلية تتضمن نقداً وتقويماً لبعض المشاكل التي تكتنف حياة الفلاحين عموماً». ويعَدُّ المصور حسن علي الحبيب من المصورين الفوتوغرافيين البارزين في محافظة واسط، لمساهماته الإبداعية في هذا المجال، ما مكّنه من إحراز جائزة أفضل مصور عالمي من منظمة اليونسكو عام 1994. كما أحرز المركز الثاني في المسابقة الدولية التي جرت في الصين عام 1997، والتي شارك فيها ألف مصور من دول العالم عرضوا خمسة آلاف صورة. وبسعادة كبيرة، تشير هدى الحبيب، زوجة الفنان حسن، وهي مقدِّمة البرنامج مع ابنتها نور، الى أنها «اضطرت الى تحويل غرفة أطفالها الصغار الى أستوديو للتسجيل». وتوضح أنها «حرصت على تغليف جدران الغرفة بما تيسر من قطع الكرتون والفلين بهدف السيطرة على الصدى الذي يمكن أن يؤثِّر في شكل سلبي في إنتاج البرنامج». وتعبّر المرأة الخمسينية عن سعادتها بتحقيق حلمها، وهو ممارسة العمل الإعلامي، وترى أنها استطاعت تحقيق النجاح في هذا المجال رغم أنها موظفة حكومية في دائرة لا علاقة لها بالإعلام». وتضيف: «أمضي وقتاً أتدرب فيه على قراءة النشرة بين أفراد عائلتي، وعادة ما أستعين بجارتي التي تعمل مدرّسة للغة العربية لضبط النشرة لغوياً». في المقابل، لا يتوقف علي، الابن الأكبر للعائلة، الذي وقعت عليه مسؤولية تصوير البرنامج، عن الشكوى، ليس من العمل، بل من مشاكسات مساعده في التصوير، شقيقه الأصغر الحمزة. يقول: «العمل التلفزيوني متعب جداً، وخصوصاً بالنسبة الى برنامج مثل برنامجنا، فالتصوير لا بد من أن يجري في الريف، وفي مناطق من المحافظة تبعاً للنشاط الزراعي، ما يولّد امتعاضاً لدى مساعدي في التصوير بسبب انشغالاته الدراسية». وبنبرة مشوبة بالامتعاض أيضاً، يقول علي إنه عادة ما يضطر الى تصوير المشاهد التلفزيونية مرات، خصوصاً تلك التي تجري في المنزل، بسبب زيارات الأهل والأصدقاء الليلية التي تأتي متزامنة مع بدء التصوير. ويتابع: «أضطر في غالبية الأحيان الى إعادة ترتيب الديكور مرات عدة، لكي أتمكن من تهيئة مكان للضيوف، ما يضيف أعباء جديدة على عملنا». لكنّ الابنة نور، وهي طالبة في قسم اللغة الإنكليزية، تبدو مرتاحة جداً الى مهنة الإعلام، التي ترى أنها تنمّي طاقات الآخرين وتقوّي مواهبهم. وتقول: «أهتمّ في البرنامج بالماكياج، الى جانب كوني مذيعة لقسم من فقرات البرنامج بالتعاون مع والدتي، لذلك تراني دائماً حريصة على التفوق في الاثنين». وتضيف: «بعد هذا البرنامج، باتت لدينا القدرة كعائلة على إنتاج أي مادة تلفزيونية للدوائر الحكومية، ونحن بصدد الاتفاق مع دوائر أخرى لإنتاج مجلاتها التلفزيونية».