في فسحة إلكترونية أنشأتها مجموعة من الشباب الناشطين باسم «حبر دوت كوم» يجتمع شباب أردنيون يتحاورون ويعبرون عن آرائهم بكتابات لا تخضع كثيراً للتحرير وبحرية مطلقة. المقالات المنشورة لا يكتبها كتّاب لهم باع طويل في الكتابة الصحافية بل المجال مفتوح أمام كل من لديه رأي في مختلف الميادين اجتماعية كانت أم سياسية، وإن كانت الأخيرة هي المسيطرة على المضمون نظراً لما تشهده الدول العربية من تحولات جذرية في الآونة الأخيرة. ريما صيفي (30 سنة) هي إحدى المشاركات في الموقع، كان لها تجربة كتابية متواضعة في الصحف اليومية إلى أن استدلت وعبر إعلان نُشر على موقع «فايسبوك» يدعو المهتمين إلى تصفح «حبر دوت كوم» والمشاركة في فعالياته. وتقول ريما التي كانت تبدي استياءها من تسلط محرري الصحف على كتاباتها ونشرها في بريد القراء بعد إخضاعها للشطب وإعادة التحرير: «وجدت في الموقع فرصة للتعبير عن آرائي بمطلق الحرية، وما جذبني أكثر للمشاركة الدائمة كم التعليقات والنقاش المطول الذي أتلقاه على موادي المنشورة». « شو قولك» هي زاوية دائمة في موقع 7iber.com وتحظى باهتمام الزوار نظراً لما تتيحه من آفاق واسعة للنقاش بين القراء. وتشير ريما إلى أن المواد المنشورة فيها تحكي عن هموم الشباب وتطلعاتهم ونظرتهم للمسائل الاجتماعية والحياتية. وتتميز الزاوية بما تتيحه من حرية مطلقة للنقاش، فالتعليقات تتوالى والقارئ لموادها لا يكتفي بترك رأيه والمغادرة بل النقاش يصبح أكثر سخونة مع ضمان احترام الآراء المختلفة وهي أحد الشروط التي يحرص القائمون على الموقع على إلزام المشاركين بها. وتذكر ريما أن مقالة تناولت موضوع الحجاب حظيت باهتمام القراء ووصل عدد التعليقات حينها إلى أكثر من 100، و»هو ما يشير إلى أن الشباب معنيون بتبادل الثقافات والآراء واستغلال الفضاء الإلكتروني بطريقة إيجابية». اهتمامات ريما بالثقافة والفنون كانت واضحة في أول اجتماع لها بمجموعة الموقع، فكان اقتراحها الذي حظي بالترحيب أن تتولى مهمات تزويد الموقع بروزنامة بالفعاليات الثقافية التي تعقد في العاصمة عمان. وتقول ريما: «هناك العديد من الفعاليات الفنية المغيبة عن الشباب نظراً لعدم وجود آلية للإعلان عنها، وفي الموقع فإن زاوية «فنون وثقافة» أتاحت لهم الاطلاع على ما يعرض في هذا المجال. فقرات متنوعة زوايا أخرى مثل «فيديو، قصص مختارة... يتميز بها الموقع وفقاً لمؤسسته الصحافية العاملة في وكالة «رويترز» لينا عجيلات. وتوضح لينا أن الموقع «لا يصنف على انه إخباري بل هو مخصص لمقالات الزوار من دون رقابة أو قيود مع الأخذ في الاعتبار نوعية المضمون وتعزيز مبدأ الرقابة الذاتية لكل المشاركين». وتأسس الموقع في عام 2007 بالتزامن مع انتشار المدونات الفردية التي كان يجد أصحابها فيها فسحة للتعبير عن الرأي من دون قيود وقبل أن تبرز المواقع الإخبارية على الساحة الإلكترونية. وتوضح عجيلات أن «حبر دوت كوم» يتيح للمهتمين نشر مقالاتهم باللغتين العربية والإنكليزية وإن الموقع استقطب زواراً أجانب وعرباً مغتربين لديهم اهتمامات بالشأن المحلي. ما استجد في الموقع زاوية فيديو التي أتاحت للزوار تزويد الموقع بما تلتقطه عدسات كاميراتهم، وتقول عجيلات: «الصورة غالباً تسرد قصصاً بتفاصيلها وهي بديل من الكتابة». وتشير إلى أن الموقع بفعالياته «استطاع أن يشجع المشاركين على التمرس في استخدام أدوات الإعلام والتعبير عن آرائهم وإثراء الحوار بين الشباب». وقبل أسابيع كان لمنى (27 سنة) مرور عابر على صفحات حبر دوت كوم، واليوم أصبح الموقع احد أفضل المحطات التي تتوقف عندها كل يوم للإطلاع على ما يكتب، وللمشاركة في كتابة التعليقات على المواضيع التي تثير اهتمامها وبخاصة السياسية منها. وتقول: «لطالما كانت فئة الشباب بعيدة كل البعد عن المجريات والأحداث، لكن تأثرها أخيراً بالأزمات والسياسات قلبت كل الموازين وأصبحت الغالبية تبحث عن متنفس للنقاش وطرح الآراء وتبادلها». وتشير إلى أن المواقع الإلكترونية «استطاعت أن تجمع الشباب وتجنده والدليل على ذلك أن انتفاضة الشعب المصري بدأت شرارتها على الإنترنت». وتعتقد أن الانطباع الذي كان سائداً في وقت سابق عن سوء استخدام الشباب للإنترنت «تلاشى، فما يجرى في دهاليز المدونات والمواقع من نهضة وثورة فكرية أصبح واضحاً وفاعلاً على الساحة السياسية والاجتماعية». وتضيف أن مشاركاتها في حبر دوت كوم جعلتها «أكثر حرصاً على الاطلاع ومواكبة ما يجرى على الصعيد المحلي وحفزتني على التمرس في استخدام أدوات الإعلام بما يحقق تطلعاتي في نشر القضايا ذات الأهمية».