وكأنها ليست المرة الأولى التي تطأ فيها أقدام المطرب ماجد المهندس خشبة مسرح كويتي، فقد بدا المشهد الذي نقلته قناة «الوطن» الكويتية حميمياً ومفعماً بصدق المشاعر ويوثق لحظة من «الحب المتبادل» بين المطرب القدير والجمع الغفير الذي حضر من أجله. وقف ماجد المهندس في حفلته (الخميس) الماضي على مسرح «ليالي فبراير» متأرجحاً بين الشعور بالرهبة مما سيأتي، والاطمئنان إلى أن قلبه وصوته لن يخذلاه، لكن عاصفة من التصفيق وأخرى من الصراخ، كانت كافية لتقتلع كل «ظن آثم» بأنه سيهزم في أول ظهور له على أرض الكويت. لذا لملم ماجد كل قوته، وصبها في صوته، ثم مضى في «الإدهاش» وطفق يوقظ الورود النائمة فوق أغصانها، مستعيناً بأغنياته التي جابت البلدان وتحت جناحيها عمر مديد من التألق. ولأن اللقاء كان الأول واليتيم – حتى الآن – بين المهندس وبين «محبيه» في الكويت، غنى لهم «ما صدقت نتلاقى»، تعبيراً عن حالة الرضا التي يعيشها، ويرصدها مجسدة في وجوه جمهور الحفلة، الذي لم يفوّت أغنية للمهندس من دون أن يقاسمه غنائها، بل أن ماجد كان يصمت في مواطن كثيرة من وصلاته الغنائية تاركاً للجمهور مهمة الغناء بدلاً عنه. وما زاد الليلة صخباً وفجّر القاعة بالتصفيق والرقص، هو أداؤه لأغنية جديدة و «خاصة» عنونها ب «روعة يا الكويت»، والتي اضطلع بمهمة تلحينها الملحن الكويتي عبدالله القعود، فيما تولى كتابتها الشاعر منصور الواوان. وعلى هذا النحو المبهج أكمل ماجد حفلته، بين الأداء الرومانسي تارة والمتأجج تارة أخرى، فقدم بصوته اللامع كألماسة لم يمسسها بشر «بين إيديا»، «والله واحشني موت»، «الميجانا»، «على رأسي»، «غاب القمر»، «إشاعة»، «اذكريني»، «آخر كلام»، «قوم درجني»، «حمودي»، كما غنى للراحلة رباب «كل خميس». ليغادر بعدها المكان محفوفاً بقبلات طيّرت في سمائه، امتناناً له ولليلة التي كانت زاخرة بالطرب والحب. يقول ماجد المهندس المأخوذ بنشوة الليلة، والمسكون بدفء تفاصيلها: «كنت خائفاً، واعترتني ربكة لم أتعودها، لكن حين صعدت على خشبة المسرح، وأصبحت وجهاً لوجه أمام جمهوري، أدركت أن الليلة ستكون استثنائية، وخالدة». وأضاف: «مهما قلت عن جمهور ذاك المساء، سأبقى مقصراً، ولن أبلغ من القول شيئاً، فعلوا كل شيء من أجلي، ومنحوني شعوراً وافراً من الرضا عن نفسي، لذا جاهدت أن أمنحهم كل طاقتي حباً وكرامة».ويشرح ماجد سبب اختياره أغنية للراحلة رباب وتقديمها في الحفلة بقولة: «أنا أحترم رباب وأحب أغنياتها وتاريخها مزروع فيني حتى وإن غيبها الموت، وسبق لها أن غنت في أحد البرامج مقطعاً من أغنيتي «والله واحشني موت» وحين اتصلت بها لأشكرها قالت لي: «كنت أبكي الناس بأغنياتي واليوم جئت يا ماجد وابكيتني بهذه الأغنية».ويمضى قائلاً: «أردت أن أشكرها حتى بعد رحيلها، بتقديم إحدى أغنياتها، وأتمنى أنني نجحت».