حض مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان المسيحيين على عدم بيع أراضيهم «مهما كانت الحاجة ملحّة والمغريات كبيرة»، لأن «حضورهم في مجتمعاتهم يحمّلهم مسؤولية الشهادة للمسيح، ويشكل مساهمة في إغناء حضارة منطقة الشرق الأوسط، ومحافظتهم على الأرض أمانة لهويتهم ورسالتهم وللمجتمع الذي يريده الله مكاناً لمسيرتهم التاريخية». وكان المجلس اختتم دورته السنوية العادية الرابعة والأربعين، في بكركي، والتي استمرت خمسة أيام، برئاسة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة نصرالله صفير، ومشاركة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث، البطريرك الأنطاكي للسريان الكاثوليك أغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك نرسيس بدروس التاسع عشر، ومطارنة الكنائس الكاثوليكية في لبنان والرؤساء العامين. وحضر جلسة الافتتاح السفير البابوي غبريال كاتشا. وتركزت الدورة على موضوع «الكنائس الكاثوليكية في لبنان: شركة وشهادة، وتوصيات السينودس من أجل الشرق الأوسط». وانتهت إلى توصيات ابرزها التشديد على «الحضور المسيحي في بلدان الشرق الأوسط، ما يقتضي الترسخ في الأرض التي هي عنصر أساسي من هوية الأشخاص والشعوب، ومساحة حرية»، موصياً «بإنشاء مؤسسة تهدف إلى توفير وسائل التنمية للمسيحيين في الأرياف والمناطق الحدودية». ورأى المجلس أن الأوضاع الراهنة في لبنان تستدعي تضافر الجهود للخروج من أزمة تأليف الحكومة التي توتر الأجواء بين المواطنين وتزيد من انقساماتهم ومن التخاطب بلغة التخويف والعنف والوعيد، وتعطل عمل المؤسسات الدستورية والإدارات. بنتيجة هذا الواقع، تتفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية، ويعيش المواطنون معاناتهم اليومية، وتتضاءل عندهم فسحة الأمل بمستقبل أفضل». ولفت إلى أن «موجة الاحتجاجات الشعبية والتظاهرات والاعتصامات القائمة في المنطقة التي تسقط الحكام وتبدل الأنظمة وتدعو إلى التغيير، إنما تذكر المسؤولين السياسيين بأنهم مؤتمنون على توفير الخير العام في المجالات الاجتماعية والأمنية والاقتصادية والإنمائية للمواطنين التي تمكنهم من تحقيق ذواتهم وتأمين العيش بكرامة. فإذا لم يفعلوا، فقدوا مبرر وجودهم وثقة شعوبهم» داعياً المسؤولين السياسيين في لبنان «إلى التعالي على مصالحهم الخاصة والفئوية، والإقلاع عن زج البلاد في سياسة المحاور الإقليمية والدولية، وعن التمحور في أحلاف خارجية تخوض صراع نفوذ على ارضنا وعلى حسابنا، مع الحرص على الانفتاح والتعاون في إطار جامعة الدول العربية ومنظمة الأممالمتحدة والشرعية الدولية». وعبر المجلس عن ألمه «للاعتداءات التي وقع ضحيتها المسيحيون في العراق ومصر وسواهما»، واكدوا تضامنهم معهم، و«طالبوا حكومات هذه البلدان والمنظمات الإقليمية والدولية بالعمل على أن يتمكن المسيحيون من العيش في أمان ومواصلة مساهمتهم في تنمية مجتمعاتهم بحكم المواطنية. ويحموا جميع المواطنين من التعديات الإرهابية. وبما أن المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط مواطنون أصيلون وأوفياء لأوطانهم ويؤدون كامل واجباتهم تجاهها، فإن المجلس يطالب حكومات هذه البلدان بتمكينهم من التنعم بكل حقوق المواطنة، وبحرية الضمير والعبادة، والحرية في مجال التربية والتعليم، وفي استعمال وسائل الاتصال الاجتماعي، كما يطالبون المرجعيات الإسلامية بقول الحقيقة في شأن الأصوليات الدينية والاعتداءات الإرهابية على المسيحيين بسبب إيمانهم».