حققت أغنية «بنت الأكابر» التي غناها المغني اللبناني ربيع الأسمر، في فترة وجيزة، انتشاراً واسعاً، على رغم صدورها في ظروف صعبة تجتاح العالم العربي. وتحولت الأغنية إلى رمز، فهي تحاكي جميع «الملتاعين» من «الطبقية العاطفية»، وتخفف عنهم. هذا النمط الغنائي الشعبي الذي ينتشر في أوساط الشباب انتشار النار في الهشيم، اختاره الأسمر منذ انطلاقته على قاعدة «تقديم الأغنية للناس، وعدم الالتزام بما تفرضه السوق». قد يكون قرار الأسمر الابتعاد عما يطلبه السوق، من أغان «تجارية وعابرة» كما يقول، واحداً من الأسباب التي حالت دون انتشاره في شكل واسع. لكنه غير نادم على تلك التجربة. يقول: «ليس كل ما تطلبه السوق يعني أنه اختيار صحيح، لأنه قد لا يلامس وجع الناس»، مشيراً إلى أنه التزم أداء أغان «يشعر بها كل البشر، ومستوحاة من البيئة الاجتماعية العربية، بما فيها طبقة الفقراء والمقهورين». ويشدد الأسمر على هذا النهج، في معرض ذكره للقضايا التي غناها، ومنها قضية الخيانة الزوجية، ونهاية الحب بسبب الفوارق الطبقية وغيرها. ويضيف: «غنيت أصعب القضايا، وفرضت شروطي على الشعراء لكتابة أغان غير متداولة، لأن موضوع الأغنية يحدد استمراريتها». ومن المؤكد أن ألبوم «مستنفر» الأخير، كان بمثابة نقلة نوعية في تجربة الأسمر، إذ قدم فيه أغاني كلاسيكية وخليجية وشعبية، متجنباً التطرق إلى القضايا العامة. وأشار إلى أن اختيار الأغاني في الألبوم الأخير كان من أصعب مهماته «كي اقدم شيئاً مغايراً عن السائد، وأحاكي قضايا الناس»، لافتاً إلى أنه استوحى القضايا «من قصص الأصدقاء، والتجارب الإنسانية في غير مكان». وعقد الأسمر لقاءات مطولة مع شعراء، رفض خلالها أغاني لا تحمل قضية محددة. وفيما تعتبر أغنية «بنت الأكابر» أكثر أغاني الألبوم رواجاً، يؤكد الأسمر أنه لم يتقصد ذلك، ويطلب من جمهوره منح الأغاني الباقية فرصة، على رغم إدراكه أن الجمهور ينحاز إلى أغنية «وهذا أمر طبيعي»، مفسراً القضية بالقول: «في هذا الوقت قد لا تنجح أكثر من ثلاث أغان في ألبوم متكامل، لأن مزاج السوق يكرس هذا العرف». تجربة الأسمر الغنائية منذ العام 2004، عززت موقعه كفنان يحظى بقبول جماهيري واسع في لبنان وبعض بلدان العالم العربي. إذ غنى الفولكلور، والأغاني الإيقاعية مثل «أم أحمد» و «بصارة»، كما غنى الأغاني الكلاسيكية المحدثة مثل «غلاك» و«أمرك عجيب». واللافت أن الأسمر، في جميع ألبوماته، يفرض شروطه في الكلمة واللحن والتوزيع، لتكون أعماله قادرة على التماهي مع مختلف طبقات الناس، ما دفع البعض إلى حصر تجربته بتصنيفه «مطرباً شعبياً». لكن التصنيف، لا يراه الأسمر مناسباً «لأن هذا اللقب يختلف مفهومه بين لبنان والدول العربية». ففي لبنان، «يعنى بالمطرب الشعبي أنه ملتزم قضايا الناس، ويحظى بشهرة واسعة في أوساطهم، أما في الخارج، فإن هذا اللقب يعني أن مرتبة الفنان أدنى من غيره. هذا ما يدفعني إلى رفض تصنيف المغنين على رغم فخري بانتمائي إلى قاعدة شعبية وغناء هواجسها وقضاياها، وأثبت الألبوم الأخير أن فني قادر على الوصول إلى مختلف فئات المجتمع في مختلف البلدان العربية، بدليل نجاح أغنية «آخذ قرار» الكلاسيكية و»أترجاك» المسموعة في معظم بلدان العالم العربي، بالإضافة إلى أغنية «خيانة» باللهجة الخليجية». ويعترف الأسمر بأن الثغرة في تجربته، تتمثل في انضمامه إلى شركة «روتانا» قبل عامين، وكانت ثمرتها ألبوم «خطوة جديدة». ومن غير أن يخوض في التفاصيل، أشار إلى أن العلاقة مع الشركة انتهت بعد عام من توقيع العقد «وما زالت عالقة في المحاكم المختصة»، مرجعاً السبب في انهيار العقد إلى «شروط الاحتكار التي دفعتني إلى الهرب من الشركة». ويعمل الأسمر حالياً على ترويج ألبومه الجديد والإشراف على توزيعه في العالم العربي، إلى جانب الحفلات.