«محمد علي باشا وعودة الذاكرة المصرية» كتاب تشارك في تأليفه أحمد عثمان ومنير عبور. وصدر حديثاً عن مكتبة مدبولي (القاهرة). يلقي الكتاب أضواء على سيرة محمد علي ومساره السياسي، كاشفاً زوايا شبه مجهولة. ويفيد الكتاب بأن محمد علي ولد في 1569 في مدينة قولة المطلة على ساحل بحر إيجة في البانيا التي كانت في تلك الفترة جزءاً من الدولة العثمانية، وهي الآن جزء من اليونان، وهناك رواية تقول إنه كان كردي الأصل تعود جذوره الى مدينة ديار بكر عاصمة كردستان الشمالية. وعندما بلغ محمد علي أشده انضم الى الجيش العثماني ورقّي الى رتبة باشي ثم تزوج وأنجب إبراهيم وطوسون وإسماعيل. عندما أغار نابوليون بونابرت على مصر وشرع الباب العالي في تعبئة الجيوش العثمانية، انضم محمد علي الى كتيبة مدينة قولة التي وصلت الى أبو قير بالإسكندرية في 1801. وهكذا جاء محمد علي الى مصر واشترك في المعارك الأخيرة التي دارت بين الإنكليز والأتراك من جانب والفرنسيين من جانب آخر. ووصل محمد علي الى مصر واحداً من ضباط الجيش العثماني الذي جاء لمحاربة الفرنسيين، في فرقة تتكون من الجنود الألبان. وبعد رحيل الفرنسيين، ثم انسحاب القوات البريطانية من مصر في 1803، بقيت الوحدة الألبانية للعمل على تثبيت سلطة الوالي العثماني خوشد باشا. إلا أن الجنود الألبان تمردوا على السلطة العثمانية وعينوا قائدهم والياً على البلاد، وعندما قتل قائد الألبان بعد فترة وجيزة تولى نائبه محمد علي القيادة مكانه. بدأ تاريخ مصر الحديثة منذ تولى محمد علي الحكم عام 1805، بناء على اختيار الشعب المصري له، تحدياً لقرارات الدولة العثمانية وتقاليدها، وأصبحت فترة حكم محمد علي باشا بمثابة نقطة تحول جوهري في تاريخ مصر، وبداية لبناء الدولة المصرية الحديثة. تمكن الباشا من القضاء على طبقة البكوات المماليك التي كانت تسيطر على مقاليد الحكم في البلاد، وقام بتركيز السلطة السياسية في يد حكومته في القاهرة. وعلى رغم عدم تعلمه في صغره، أحدث محمد علي باشا ثورة تعليمية هائلة في مصر عندما أنشأ نظام التعليم العام وفق النظام السائد في أوروبا، وأرسل البعثات التعليمية الى أوروبا للتعرف الى آخر ما توصل له الفكر الغربي. كل هذا أعطى الفرصة لأبناء الفلاحين ومتخرجي الأزهر كي يتفوقوا في العلم والمعرفة، من أمثال رفاعة الطهطاوي وسعد زغلول ومحمد عبده وآخرين. وهكذا اعتمدت النهضة المصرية في أيام محمد علي على أسس من الفكر الغربي، بخاصة الفكر الفرنسي. هكذا أصبحت فترة حكم محمد علي باشا بمثابة نقطة تحول جوهري في تاريخ مصر، وبداية لبناء الدولة المصرية الحديثة.