لا يختلف اثنان على أن موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أحدث نقلة نوعية لا مثيل لها في عالم الاتصال والإعلام، جعلت منه واحداً من أهم أدوات التواصل، وبالتالي أصبح عاملاً مؤثراً وقويّاً، على مجموعة من الأمور المرتبطة بمجالات عدة، إذ أحدث هذا الموقع البسيط شكلاً والعميق مضموناً، عديداً من التغيّرات والتحوّلات التي كان حدوثها أقرب إلى المستحيل خلال وقت مضى، فما بين المجال السياسي والاقتصادي والثقافي وحتى الرياضي، كان لهذا الموقع كلمته وتأثيره، المنبثق من أفراد وجدوا أنفسهم في عالم إلكتروني، ربط مجتمعات أقصى شمال الكرة الأرضية بجنوبها، وشرقها بغربها، متخطّياً بذلك حاجز الحدود الجغرافية ومتجاوزاً لها. «فيسبوك» الذي أُعلن ميلاده الأول في الرابع من شباط (فبراير) من عام 2004، واحتفل رواده قبل 10 أيام بالذكرى السابعة على ولادته، لم يتوقع أن يحظى بتلك المعدّلات العالية من المهاجرين إليه، والذين بلغ عددهم خلال سنواته الأربع الأولى، بحسب دراسة أجرتها «كومسكور» للدراسات المتخصصة 130 مليوناً، ووصل مع نهاية عام 2010 إلى أكثر من 180 مليون مشترك، ليصبح بذلك كدولة تنتمي إليها شعوب قارات العالم، بطبقاتهم المتنوّعة وفئاتهم المختلفة، تتيح لهم الارتباط المشترك وتكوين الصداقات الوثيقة فيما بينهم. وما يبدو مميّزاً في «الفيسبوك»، أنه لا يفرّق بين النُخب والعامة من الناس، فجميعهم تحت غطاء واحد، تغيب عنه القيود والحواجز والتعقيدات التي يصعب تصوّر الحياة الطبيعية من دونها، فوصول المواطن البسيط للمسؤول المنضّم إلى هذا العالم، قلّص من حال «البرستيج» التي وضعها بعض المسؤولين لأنفسهم، وباتوا معتادين عليها، لدرجة أوحت للبعض أنهم طبقة متعالية ونرجسية، في الوقت الذي تعارف عليه الناس بعدم القدرة على الوصول إليهم إلا بعد المرور من بوابات عدة ومعقّدة، بجانب ذلك أصبح إمكان مخاطبة عدد من الشخصيات المهمّة التي تعيش في «الفيسبوك» متاحة بكل بساطة، يأتي أشهرهم الرئيس الأميركي باراك أوباما. وفي المحيط المحلّي، برز عدد من الأشخاص الذين يتولون مناصب قيادية في الدولة، وكأنهم رأوا أن الانضمام إلى هذا العالم أمر لا بد منه، الأمر الذي سهّل الوصول إليهم والحديث معهم، فمثلاً... مواطنون لم ترق لهم التغطية الإعلامية التي قام بها التلفاز السعودي لكارثة جدة 2، أضحى بإمكانهم اللجوء إلى «الفيسبوك» لإيضاح تذمّرهم وانتقادهم، من خلال التواصل المباشر مع وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبدالعزيز خوجة، من دون أخذ موعد مسبق من مدير مكتبه وانتظار الرد لفترة، وإنما الحصول على ردّه مباشرة، الأمر ذاته ينطبق على فتيات يأملن في تحقيق شيء من خصوصيتهن، من خلال اعتماد تأنيث المحال التجارية المخصّصة لبيع الملابس النسائية، بدلاً من ذكور يتسببون في إحراجهن، وأخريات ينادين بإقرار عملهن «كاشيرات» في المراكز التجارية الكبرى، بعد أن سئمن من مصارعة البطالة، بات في استطاعتهن التواصل مع وزير العمل المهندس عادل فقيه، وتقديم مطالباتهن له. إلى فترة ليست بالبعيدة، كان الحميدي السبيعي يأمل بانضمام بعض المسؤولين إلى «الفيسبوك»، من منطلق أنه يجده المكان الأنسب للالتقاء بهم، وإيصال ما يريدون إليهم، طالما أن رؤيتهم في الواقع لا تتجاوز الصحف والتلفاز. يقول: «هذا الموقع أثبت للجميع أنه البيئة الأنسب لكثير من الأمور، ولأنه كذلك شاهدنا مجموعة من المسؤولين في عدد من الدول يوجدون فيه، إيماناً منهم بأهميته، وكنت سابقاً أتمنى أن أجد بعض مسؤولينا موجودين فيه ويتفاعلون معنا كأفراد مجتمع، وما تمنيته أجده يحدث الآن تدريجياً، وأعتقد أن ما يحدث خطوة إيجابية، لكن لا بد على هؤلاء المسؤولين أن يعملوا على المتابعة الحقيقية لصفحاتهم». سارة المقبل وجدت المجال متاحاً لعرض ما تكتبه من قصص وروايات، على مجموعة من المثقفين والأدباء في أكثر من دولة، لتستفيد منهم ومن توجيهاتهم، إذ تؤكد «كانت كتاباتي لا تتجاوز دفاتري الخاصة، إذ من الصعب أن أذهب بها إلى أحد وأطلب نقده عليها، أما الآن بإمكاني الالتقاء بعدد كبير من الأدباء ، وأحصل على رأي كل منهم، وهذا لا يشكّل إلا جزءاً ممّا هو متاح في هذا الموقع، الذي أسهم في تذليل كثير من العقبات».