خرج مئات من أنصار الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في العاصمة الليبية أمس الخميس للتصدي لدعوات على الانترنت بالخروج في تظاهرات «يوم الغضب» المناهضة للحكومة التي تستلهم انتفاضتي مصر وتونس. وجاء «يوم الغضب» بعد يوم واحد من إفراج ليبيا عن قرابة 110 من أعضاء «الجماعة الإسلامية المقاتلة» بينهم إثنان من كبار قادتها هما عبدالوهاب القايد، شقيق «ابو يحيى الليبي» القيادي الكبير في تنظيم «القاعدة»، ومفتاح الذوادي الأمير الأول ل «المقاتلة». وتبيّن أن قيادياً ثالثاً ذُكر أنه أفرج عنه أيضاً وهو مصطفى الصيد قنيفيد ما زال في سجن أبو سليم، من دون أن يتضح سبب الإعلان عن الإفراج عنه مع أنه ما زال مسجوناً. وقالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» التي تتخذ من نيويورك مقراً لها إن السلطات الليبية ألقت القبض على 14 ناشطاً وكاتباً ومحتجاً كانوا يعدون للاحتجاجات المعارضة للحكومة كما وردت تقارير غير مؤكدة عن سقوط 10 قتلى في مدينتي البيضاء وبنغازي في شرق ليبيا. وروّج لهذا الاحتجاج ناشطون مجهولون على المواقع الاجتماعية على الانترنت مثل «فايسبوك» و «تويتر» في بلد تندر فيه المعارضة العلنية. وتخضع ليبيا لسيطرة القذافي الصارمة منذ أكثر من 40 عاماً وبذلك يصبح أقدم حكام القارة الافريقية، لكن ليبيا شعرت بالهزة التي خلّفتها الاطاحة بالرئيسين المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي بعد أن حكما بلادهما لسنوات طويلة. وقال مراسل ل «رويترز» إن المؤيدين للقذافي خرجوا إلى الميدان الأخضر في العاصمة طرابلس بالقرب من المدينة التاريخية القديمة وهتفوا بشعارات مؤيدة للقذافي والثورة. ويشار إلى الانقلاب العسكري الذي وقع عام 1969 وأتى بالقذافي إلى الحكم باسم «الثورة». ولم تظهر أي علامات على خروج احتجاجات معارضة للنظام الليبي. وسارت حركة المرور في شكل طبيعي في شارع عمر المختار وهو الشارع الرئيسي في العاصمة فيما فتحت البنوك والمحال التجارية أبوابها ولم تلحظ أي زيادة في الوجود الأمني. وقال شهود ووسائل إعلام محلية إن عدة مئات من الاشخاص اشتبكوا مع الشرطة وأنصار للقذافي مساء يوم الثلثاء في بنغازي على بعد نحو 1000 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس. واستحال منذ مساء الأربعاء الاتصال بشهود عيان في بنغازي نظراً لما بدا انه قطع لكافة الاتصالات الهاتفية عن المدينة. وقالت قناة «الجزيرة» الإخبارية الفضائية ونشرات على «فايسبوك» إن شخصين قتلا في الاحتجاجات التي جرت الاربعاء في مدينة البيضاء شرق بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية. لكنها لم تعلن عن مصدر المعلومات ولم يتسن التحقق من هذه الأنباء التي تتوافق مع ما أوردته صحيفة «قورينا» الليبية على موقعها الالكتروني. وكتبت الصحيفة أن اللجنة الشعبية العامة للأمن العام (وزارة الداخلية) أقالت الخميس مسؤولاً أمنياً محلياً إثر مقتل شخصين في تظاهرات مدينة البيضاء (1200 كلم شرق طرابلس). وأوضحت الصحيفة الليبية نقلاً عن «مصادر أمنية مطلعة» أن مدير أمن منطقة الجبل الأخضر العميد حسن قرضاوي أقيل من منصبه صباح الخميس وعين مكانه العقيد فرج البرعصي. وتابعت أن شابين هما خالد الناجي خنفر وسعد اليمني قتلا في المواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين في البيضاء الأربعاء. ونُقل عن القذافي قوله يوم الأربعاء ان «الثوار» سينتصرون، لكنه لم يتحدث عن الاضطرابات. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن القذافي قوله إن من وصفهم بالأعداء والدمى في يد الولاياتالمتحدة واسرائيل سيسقطون كما تسقط أوراق الشجر في الخريف. كما نقلت «بي بي سي» عن مصدر ليبي رفيع لم تسمه قوله إن ليبيا لن تسمح لمجموعة من الناس بالعمل في الظلام والعبث بأمن ليبيا. وعلى رغم شكوى بعض الليبيين من البطالة وعدم المساواة والقيود على الحريات السياسية، إلا أن المحللين يقولون إن تكرار النموذج المصري في ليبيا غير محتمل حيث من الممكن أن تستخدم ليبيا عائدات النفط الضخمة في حل أغلب المشكلات الاجتماعية. ودعت «هيومان رايتس ووتش» ليبيا إلى الافراج عن كل المحتجزين بسبب دورهم في الاحتجاجات المناوئة للحكومة. وقالت المنظمة في بيان: «مع تأكيد الناس في تونس ومصر والبحرين وإيران على حقهم في الاحتجاج، جاءت استجابة الحكومة الليبية بالطريقة الخاطئة نفسها تماماً».