مرّة أخرى، أرجأت إدارة البورصة المصرية أمس، استئناف التداول في الأوراق المالية إلى الأسبوع المقبل بعدما كان مقرراً غداً الأربعاء. في إطار جهود الحكومة المصرية لاستعادة عافية الاقتصاد بعد التحولات الجذرية التي شهدتها مصر في الأسبوعين الماضيين سياسياً وأمنياً واقتصادياً، ومواجهة آثار ما أحدثته تظاهرات الشباب، التي سميت «ثورة الغضب»، على النشاط الاقتصادي وما كبدته من خسائر، قررت وزارة المال المصرية الاستمرار في «الإفراج الفوري عن الواردات اللازمة للإنتاج والسلع الغذائية والاستراتيجية، من دون تسديد الرسوم الجمركية والضريبية، في مقابل تعهد مكتوب بالتسديد فور استقرار الأوضاع». وأشار وزير المال سمير رضوان، في بيان أمس، إلى أن هذا القرار «سارٍ حتى نهاية الشهر الجاري»، معلناً «بدء تسديد الرسوم في آذار (مارس) المقبل، للمساهمة في استعادة المصانع طاقتها القصوى في أقرب وقت، ولتأمين السيولة المالية للقطاع الصناعي، الذي يعد أحد أهم القطاعات التي يعتمد عليها الاقتصاد المحلي لإيجاد فرص عمل». وأكد «استمرار العمل في المنافذ الجمركية المخصصة لإنهاء إجراءات الإفراج عن الصادرات المصرية، في إطار التيسير المقدم للقطاع التصديري، على مدار 24 ساعة حتى أيام الجمعة والعطل لتسهيل إنهاء هذه الإجراءات». وبالنسبة إلى حركة الواردات، تواصل المنافذ الجمركية الإفراج عن السلع حتى آخر بيان جمركي. واتفق بهدف ضمان سهولة تدفق السلع والبضائع المتنوعة إلى الأسواق واستمرارها، مع الشركة القابضة للنقل البري لتأمين سيارات لنقل الواردات، إضافة الى التنسيق المستمر مع القوات المسلحة لحمايتها أثناء انتقالها من الموانئ إلى منافذ الإنتاج والتوزيع والأسواق. وأُفرج خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، عن سلع غذائية أساسية كثيرة. وكان من أهم التغيرات التي أنتجتها «ثورة الغضب» لمحاربة الفساد والظلم والفقر هو زيادة الدخل الشهري، إذ أعلنت الحكومة المصرية في وقت سابق زيادة أجور العاملين في الجهاز الإداري الرسمي بنسبة 15 في المئة مع زيادة المعاشات العسكرية والمدنية بالنسبة ذاتها، لتعزيز الظروف المعيشية للمواطنين. واعتبر وزير المال، أن هذه الزيادة «ستسري اعتباراً من الأول من نيسان (أبريل) المقبل ومن دون حد أقصى»، مشيراً إلى أن هذه الزيادة «سيستفيد منها وللمرة الأولى الحاصلون على كل أنواع المعاشات بما فيها معاش الفقراء (معاش السادات)، والمعاش الشامل والخاص باليد العاملة غير المنتظمة». وأعلنت وزيرة التجارة والصناعة المصرية سميحة فوزي، أن أجهزة الوزارة «تعمل على مساعدة صناعيي مصر وتجارها والمصدرين لاستعادة معدلات نمو الاقتصاد القومي المسجلة قبل 25 كانون الثاني (يناير) الماضي». وأشارت، بعد اجتماعات مع رئيس مجلس الوزراء أحمد شفيق شارك فيها اتحادا الصناعات والغرف التجارية، أن «توجه الوزارة حالياً يتمثل في تقديم كل المساندة من الحكومة للقطاع الإنتاجي، لأن تقوية هذا القطاع ومساندته هما أولوية قصوى للحكومة الحالية». وأوضحت أن هذا التوجه «يمثل جزءاً مهماً للحفاظ على مقدرات مصر الاقتصادية وتلبية طموحات الشباب في الحصول على فرص عمل بأجور مجزية، ولتحسين مستوى المعيشة». وأعلن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات جودت الملط أمس، أن الدين العام «بلغ 1080 بليون جنيه مصري (183.7 بليون دولار) في حزيران (يونيو) من العام الماضي، بما يعادل 89.5 في المئة من الناتج المحلي». وأوضح في تصريح نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط، أن «الرقم يشمل الدين المحلي البالغ 888 بليون جنيه ويعادل 73.6 في المئة من الناتج». وأشار إلى أن «البيانات تظهر تجاوز الدين العام الحدود الآمنة». وبالنسبة إلى البورصة، عزا رئيس سوق المال خالد سري صيام قرار التعليق في تعاملات السوق، إلى «عدم انتظام عمل المصارف»، موضحاً أن القرار اتخذ «بعد التشاور مع هيئة الرقابة المالية والجهات المختصة وجمعيات العاملين في السوق». وأعلن أن التظاهرات التى شهدها عدد من المصارف «أثارت مخاوف من احتمالات عدم انتظامها، ما يمكن أن يؤثر في عمل البورصة وبناء عليه جاء قرار استمرار تعليق التعاملات». ونقلت وكالة «رويترز» آراء خبراء ومصرفيين عن حركة المستثمرين تجاه السوق المصرية، وأوردت أن الرئيس التنفيذي ل «بنك سي آي كابيتال» للاستثمار كريم هلال، رأى أن المستثمرين الأجانب «يرون في التطورات الأخيرة التي أسفرت عن تنحي الرئيس حسني مبارك، إيجابية على المدى المتوسط، لأن عوامل النمو الاقتصادي لم تتغير، كما أن تحول البلاد نحو حكم مدني ديموقراطي سيؤدي إلى تدفق ضخم للاستثمارات». ولفت إلى أنه «تحدّث مع مستثمرين أجانب كثر على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية وهم يعتبرون ما حدث إيجابياً». وأعلن أن مصر «تتجه نحو حكم مدني ديموقراطي وتطهير واضح للفساد». ولاحظ أن «العوامل الأساسية الدافعة إلى النمو، ومن بينها ارتفاع معدل السكان وزيادة الاستهلاك والحاجة إلى تطوير البنية الأساسية، لا تزال موجودة ولم تتغير». لكن شدد على ضرورة «السعي إلى تنفيذ خطة التنمية في شكل أسرع».