تهدد عوامل الطقس المختلفة، 50 موقعاً أثرياً في المنطقة الشرقية، بالاندثار، فيما لم يتبق من بعضها سوى أطلال، على رغم أنها تعود إلى مئات، وربما آلاف السنين. وطالب مهتمون بالآثار ب «مبادرات سريعة» للمحافظة على هذه المواقع التي تتوزع في محافظات الشرقية كافة. وعانت مواقع أثرية عدة في المنطقة من «الإهمال» خلال العقود الماضية، بسبب عدم معالجة أوضاعها. فيما يعول المهتمون على الهيئة العامة للسياحة والآثار، التي تسلمت مسؤولية المواقع الأثرية، للقيام بدورها في المحافظة عليها. وعلى بعد أمتار من قصر محمد بن عبد الوهاب الفيحاني في بلدة دارين (محافظة القطيف)، يقف خليفة عبد الرحمن (74 سنة)، وهو يضع إحدى يديه على خاصرته، فيما يشير بالأخرى إلى ما تبقى من القصر الذي شُيد قبل نحو قرنين ونصف القرن، ويتمتم بكلمات «مُبهمة»، إلا أنها تعبر عن «ألم وحسرة». ويمضي إلى ساحل البحر، وهو يخاطب صديقه مبارك بن علي، «الإهمال قضى على القلعة، ولم يتبق منها إلا الأطلال». وتتكرر عبارات «الحسرة» على ألسنة أهالي دارين على مواقعها الأثرية، وبخاصة القصر، الذي ساهمت العوامل الجوية والأمطار على مدى يزيد على 30 سنة، في تصدع أجزاء منه، قبل أن ينهار تماماً، وتتبقى أطلاله شاهدة على «الإهمال الشديد» بحسب قول الأهالي. وأثرت العوامل الجوية المختلفة على الآثار التاريخية في المنطقة الشرقية في شكل كبير خلال العقود الماضية، في ظل «قلة اهتمام» الجهات المعنية، قبل أن تشمر الهيئة العامة للسياحة والآثار عن سواعدها، وتبدأ في استعادة وترميم ما تبقى منها، بعد ان أُسندت إليها هذه المهمة. ويترقب أهالي دارين الوعود التي قطعتها الهيئة، بإعادة بناء القصر، بعد ان توصلت في وقت سابق، إلى اتفاق مع ورثة الشيخ الفيحاني، فيما ينتظر الكثير من المهتمين في التراث، أن «تعود هذه القلعة إلى ما كانت عليه، لتشكل مع نظيراتها منظومة أثرية تعبر عن عراقة المنطقة». ولا تبدو حال قلعة تاروت التاريخية، التي بنيت قبل أكثر من 5000 سنة، بأفضل من قصر الفيحاني، إذ ساهمت العوامل الجوية في تآكل وسقوط أجزاء عدة منها. فيما شهدت القلعة عمليات ترميم «خجولة» قبل أكثر من عقدين، إلا أنها لم تصمد أمام الأمطار والأتربة والعوامل الجوية الأخرى، قبل أن تبرم الهيئة العامة للسياحة والآثار اتفاقات مختلفة لترميم القلعة، و«إعادة هيبتها». فيما بدأ فريق من الشبان السعوديين في ترميمها قبل أيام فقط، خصوصاً الأجزاء السفلية منها. ويتكرر الأمر مع بقية الآثار، مثل حمام «أبو لوزة» وعين «العودة»، وعين «السيح»، ومنازل تاريخية قديمة، فجميعها تأثرت بالعوامل الجوية المختلفة، إضافة إلى «الإهمال الشديد» لها من جانب الجهات المختصة. ويُقدر عدد المواقع الأثرية في الشرقية بنحو 50، تعود إلى عصري العبيد والدول الهيلينستية. وطالب مهتمون في الآثار، بضرورة «الاهتمام في مختلف المواقع الأثرية في الشرقية، وحمايتها من العوامل الجوية المختلفة، وصيانتها دورياً، قبل أن نبكي على أطلالها، كما حدث مع قصر محمد بن عبد الوهاب الفيحاني، والآثار التاريخية المهمة الأخرى». وقال الباحث التاريخي عبد الخالق الجنبي، في تصريح ل «الحياة»: «أكثر آثارنا مدفونة تحت الأرض، فهي مليئة بالقبور الأثرية، والتماثيل المكتشفة»، مضيفاً «ساهمت العوامل الجوية، مثل الحرارة والأمطار، في تصدع قلعة تاروت وانهيار قلعة دارين، وكذلك عيني الصدرية والكعيبة»، مضيفاً «تلقت هيئة السياحة والآثار خلال السنوات الماضية، مطالب عدة، لترميم هذه المواقع. إلا انه لم تكن هناك استجابة، حتى سقطت حيطانها»، مطالباً بأهمية «المحافظة من ما بقي من آثار، وترميم ما يحتاج إلى ذلك، ورفع الحظر عن المواقع الأثرية المسيجة، وإتاحة الفرصة لمستثمرين مختصين للتنقيب عن هذه الآثار، بأمانة وإخلاص، فهناك باحثون من خارج المملكة، تقدموا بطلبات لذلك».