ينشغل الوسط السياسي اللبناني بمواكبة ردود الفعل على اقتراح البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي استمرار رئيس الجمهورية ميشال سليمان في سدة الرئاسة إذا ما تعذر انتخاب رئيس جديد قبل انتهاء ولاية سليمان في 25 أيار (مايو) الجاري، خصوصاً بعدما تبين أن رأس الكنيسة المارونية لم يبتدع هذا الاقتراح بشكل فردي انما عمل على بلورته في داخل الكنيسة ما أمن له التأييد المطلوب من المطارنة من دون أي تحفظ. ويقضي اقتراح الراعي بتعليق العمل بالمادة 62 من الدستور اللبناني التي تنص على أنه في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة لمجلس الوزراء، افساحاً في المجال أمام استمرار سليمان في سدة الرئاسة الأولى الى حين انتخاب الرئيس الجديد. ومع ان سليمان يكرر أمام زواره أنه نصح الراعي بعدم الدخول في اقتراحه وأنه لا يؤيده وهو مصر على الانتقال الى منزله فور انتهاء ولايته، فإن معظم المواكبين للأسباب التي أملت على الراعي العمل من أجل تسويق اقتراحه هذا، يؤكدون أنه متمسك به ولن يتخلى عنه الا في حال انتخاب الرئيس الجديد خلال المهلة الدستورية. ويعتقد هؤلاء ان الراعي يتطلع من خلال اقتراحه الى استحضار المزيد من الضغوط لتوفير الأجواء المواتية لانعقاد جلسة الانتخاب قبل 25 أيار على أن تؤدي حتماً الى اختيار رئيس جديد. ويؤكدون انه لم يعد بين يديه سوى هذه الورقة للضغط على الأطراف المعنيين بتأمين النصاب النيابي لانتخاب الرئيس. ولم يغب اقتراح الراعي وتداعياته وردود الفعل عليه عن مأدبة الغداء التي أقامها أمس منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد وشارك فيها النواب مروان حمادة، ستريدا جعجع، انطون سعد، رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون وسفير الولاياتالمتحدة الأميركية في لبنان ديفيد هيل اضافة الى مطراني بيروت وجبيل للموارنة بولس مطر وميشال عون والنائبين السابقين سمير فرنجية وغطاس خوري ومدير مكتب رئيس تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، نادر الحريري. وعلمت «الحياة» أن المطرانين مطر وعون توليا الدفاع عن اقتراح الراعي ورأيا فيه السبيل الوحيد للضغط من أجل انتخاب الرئيس الجديد قبل 25 أيار لقطع الطريق على إحداث فراغ في سدة الرئاسة الأولى. وسأل مطر وعون - وفق الحضور - عن المانع من السير في اقتراح الراعي وعدم العودة عنه الا في حال انتخاب الرئيس وقالا ان هناك ضرورة لحماية موقع الرئاسة الأولى في ظل التطورات المتسارعة في المنطقة وما يتخللها من تعقيدات تستدعي حماية موقع الرئاسة انتخاباً وإذا تعذر ما المشكلة في استمرار سليمان الى حين انتخاب من سيخلفه؟ ويدعم مطر وعون موقفهما بالقول انه إذا كان جائزاً للبرلمان واستمرار رئيس الحكومة في تصريف الأعمال بعد استقالته الى حين تشكيل حكومة جديدة فلماذا يستثنى منه رئيس الجمهورية في حال تعذر انتخاب الرئيس الجديد؟ وتدخل عدد من المدعوين وسألوا عن موقف رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون وهل هناك من امكان لإقناعه بالسير في دعم اقتراح الراعي، خصوصاً ان استمرار سليمان في تصريف الأعمال الى حين انتخاب الرئيس لا يلغي حظوظه كمرشح لرئاسة الجمهورية وهو يتساوى في هذا المجال مع المرشحين الآخرين. ورأى هؤلاء ان المشكلة ليست عند سعد الحريري أو رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنيلاط الذي قد لا يعترض على الاقتراح مع ان مصادره تؤكد ان أحداً لم يناقشه فيه. وأكدوا أن تسويقه يتطلب توافقاً سياسياً بدءاً بالقوى المسيحية لضمان تعديل المادة 62 بأكثرية ثلثي أعضاء البرلمان بما يسمح باستمرار سليمان في سدة الرئاسة. وسألوا أيضاً عن موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري و «حزب الله» مع ان الأخير كان حسم موقفه بعدم التمديد لسليمان. وفي هذا السياق أيضاً لا بد من التوقف أمام ما جرى في الاجتماع الأخير لقيادات 14 آذار، خصوصاً بالنسبة الى اقتراح تقدم به عدد من الحضور ويقضي بعدم تلبية الدعوة الى المشاركة في الجلسات التشريعية التي تعقد بعد 25 أيار إذا ما تعذر انتخاب الرئيس. وعلمت «الحياة» أن المجتمعين تريثوا في اتخاذ قرار نهائي في هذا الشأن على رغم ان الأكثرية تميل الى تبنيه وتعتقد انه يستخدم كورقة ضغط لتهيئة الأجواء أمام انتخاب الرئيس قبل فوات الأوان. ونقلت مصادر مقربة من المجتمعين قولهم ان تعذر انعقاد جلسة الانتخاب سيدفع النواب الى التغيب عن الجلسات التشريعية وأن يقتصر حضورهم على جلسة اليوم المخصصة لمناقشة سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام وإقرارها بصيغتها النهائية. وعزت السبب الى ان التغيب عن حضور الجلسات التشريعية يشكل ضغطاً للإسراع في انتخاب الرئيس لأن من غير الجائز إشعار المسيحيين، وخصوصاً الموارنة، بأن الأمور في البلد تسير كما يرام حتى في ظل الشغور في الرئاسة الأولى، اضافة الى ان لا مصلحة للمسلمين في لجوء بعضهم الى استغلال هذا الشغور واتهامهم بأنهم يريدون تكريس نظام مجلسي في لبنان.