رحب لبنان الرسمي والسياسي بالتغيير في جمهورية مصر العربية، وأكد تضامنه مع خيارات شعب هذا البلد، مبدياً حرصه على الانتقال الديموقراطي والسلمي للسلطة فيه. وأبدى رئيس الجمهورية ميشال سليمان «ارتياحه لمسار التطورات في مصر نحو إيجاد حلول تعيد الاستقرار والهدوء وتحقق طموحات الشعب المصري وتطلعاته». وأمل خلال لقائه رئيس الطائفة القبطية في لبنان الأب رويس الأورشليمي، ب «أن تستكمل الخطوات المقبلة بما يؤدي إلى إعادة إنتاج السلطات الدستورية المسؤولة التي ترعى البلاد وأبناءها ومصالحهم وفق معايير الحرية والديموقراطية التي ينص عليها الدستور وتحميها القوانين». وعبر رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري عن تضامنه «مع تحركات الشعب المصري الشقيق في خياراته المشروعة للعبور إلى مرحلة جديدة تلبي طموحاته في التغيير الديموقراطي نحو الأفضل». وقال في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي: «كلنا ثقة بأن يتمكن الإخوة المصريون وبالتعاون مع الجيش المصري من اجتياز هذه المرحلة الصعبة وتوفير كل عوامل الانتقال الهادئ والديموقراطي السليم للسلطة بما يحفظ استقرار وتقدم وازدهار الشقيقة الكبرى مصر ويحقق مصالح وطموحات الشعب المصري الوطنية والقومية، ويمكنها من استمرار لعب دورها الريادي المعتاد في المنطقة العربية والعالم للدفاع عن المصالح المشروعة للمصريين والعرب على حد سواء». الرئيس السابق للحكومة سليم الحص الذي يتلقى العلاج في السعودية، بارك في تصريح، «للشعب العربي المصري العظيم هذا الانتصار المبين على آفات الظلم والقهر والقمع». وقال: «فاز الشعب المصري بهذا الانتصار الخارق بعرقه ودمه وإيمانه لا بل بإرادته الصلبة وتصميمه العنيد. فهنيئاً للعرب أجمعين هذا الإنجاز الفريد في الشقيقة العربية الكبرى، وقبلها في تونس. وآن الأوان للأمة العربية أن تنهض من كبوتها وتستفيق من غفوتها الطويلة في ظل أنظمة سياسية عقيمة نهضت وعاشت على كبت شعوبها وعلى حرمانها وتخلفها المفروض عليها فرضاً». ورأى رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة «أن انتفاضة الشعب المصري السلمية البيضاء، التي طالبت بالتغيير وبالإصلاح والانتقال السلمي إلى نظام ديموقراطي وتعزيز الدولة المدنية وحكم القانون، إنما شكلت تعبيراً صادقاً عن تطلعاته وتشكل محاكاة مباشرة لتطلعات الشعوب العربية، وتحديداً تطلعات الشعب اللبناني، الذي سبق أن أعطى المثل والمثال وكان السباق في انتفاضته السلمية البيضاء في 14 آذار 2005 في ساحة الحرية، في ساحة الشهداء في قلب بيروت». ورحب «بحرارة بهذا التغيير السلمي والديموقراطي الكبير والمهم والواعد والذي من شأنه أن يعيد مصر الشقيقة العربية الكبرى، إلى صدارة مسيرة النمو والتألق والإصلاح والبناء، وإلى دورها المؤهلة له، في المجالين العربي والإقليمي وهو الدور الذي افتقدناه ودفعنا نتيجة غيابه الثمن الغالي والكبير، وأدّى إلى تراجع مكانة مصر وهيبتها وتراجع دور العرب وقوتهم الوازنة في المنطقة والعالم. ولذلك فإن عودة مصر إلى حيث هي مكانتها في العالم العربي قوة لها وللعرب أجمعين». وأمل السنيورة ب «أن تبدل ثورة الشباب المصري السلمية المباركة وجهة منطقتنا العربية في القرن الحادي والعشرين بما يمكننا جميعاً من إيقاف حال التراجع العربية ويعيد ترتيب أولوياتنا العربية بشكل صحيح وبما يعيد اللحمة والتضامن إلى شعوبنا العربية التواقة إلى الحرية والتحرير والكرامة والتقدم والازدهار»، وشدد على أن «دماء شهداء الانتفاضة المصرية السلمية الأبرياء تعانق دماء شهداء لبنان في مواجهة القمع والظلم والتعسف، ولا يسعنا في هذه المناسبة المجيدة إلا التمني أن تكون الأيام المقبلة في مصر، أيام إعادة تضامن وبناء وإنماء وتطوير وفق أسس ديموقراطية مدنية حقيقية تحترم وتقدر حقوق الإنسان، وتشكل فرصة هذه الانتفاضة البيضاء سانحة أمام مصر والعالم العربي للتطلع والعمل نحو غدٍ أفضل لا يجوز أن نضيعها أو أن نخسرها». لكن السنيورة اعتبر أن «الإنصاف والصدق مع الذات، يدفعنا إلى التوقف عند الدور الذي لعبه الرئيس المصري السابق حسني مبارك طوال سني حياته، إن في معارك التحرير والعبور في مواجهة العدو الإسرائيلي، أو في محاولات إنهاض الدولة المصرية واستعادة الأرض، أو في مساعدة لبنان وحمايته من التدخلات الخارجية والوقوف إلى جانبه»، وفي المقابل رأى «أن احترام إرادة الشعب المصري من أجل إحداث التغيير واحترام مبدأ تداول السلطة وتعزيز الحريات والنظام الديمقراطي تبقى الأساس والمشعل الذي سيضيء مسارات شعوب أمتنا العربية نحو الحرية والنهوض والتقدم والازدهار». واعتبر الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي في بيان، «أن انتفاضة الشعب المصري على الظلم والفساد والهوان، تعملقت لتصبح واحدة من الثورات الشعبية غير المسبوقة في تاريخ الإنسانية». وقال: «نجحت الوطنية المصرية في أنقى تجلياتها في كسر حواجز الخوف وتجاوزت الواقع الحديدي القائم بكل عزم وبأس، ثم رفضت البدائل الجاهزة بكل ما فيها من ترغيب وترهيب، وتحررت من خرافة الوصايات الدولية بكثير من الوعي السياسي والإعلامي... وبذلك يؤسس الأشقاء المصريون لمرحلة جديدة في تاريخ بلدهم وهي حكماً مرحلة جديدة في تاريخ الأمة وفي تاريخ العرب، كل العرب، الذين فاضت مشاعرهم وعواطفهم ابتهاجاً ببارقة استعادة كرامة مهدورة وهيبة مسفوحة في مسار استعادة الموقع القيادي والدور الريادي لمصر العظيمة والحبيبة». وهنأ نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان الشعب المصري ب «نجاح ثورته المجيدة التي أثبتت أن إرادة الشعوب لا تقهر، وهي أقوى من الأنظمة الفاسدة والظالمة التي اتخذت من إفقار الشعوب وتجويعها وسيلة لتكديس الثروات وإفشاء الجهل والتخلف والفقر»، ورأى أن «ما حصل في مصر وتونس بداية مباركة لسقوط الطغيان واندحار الظلم ما يبعث الأمل في نفوسنا من جديد بأن حرية الشعوب وكرامتها لا يمكن أن تختزل بشخص يتربع على عرش نظام فاسد». ودعا قبلان «الأنظمة العربية المستبدة إلى أن تتعلم درساً من الشعب المصري، فهذه العقلانية الهادئة والمؤدبة التي تحلى بها شعب مصر تجعلنا نعيش عهد التحرير في امتنا الإسلامية، فالإسلام يدعو إلى الحق والخير والصلاح والمعروف، فليتعلم القادة العرب وليتعظ الحكام الظالمون من ثورة مصر وليعلموا أن بقاء الحال من المحال فيعودون إلى جادة الاستقامة والحق والعدالة والإنصاف ويكونون بعون شعوبهم ليكون الله بعونهم».