استضاف الفنان التشكيلي المصري وحيد البلقاسي، الملقب ب «شيخ النحاتين»، في الدورة الأخيرة لملتقى «بصمات» للفنانين التشكيليين العرب (أسسه عام 2010) عدداً هو الأكبر على مدار الدورات السابقة بواقع 470 فناناً وفنانة، من 17 دولة عربية، كانت من بينها السعودية ضيف شرف الملتقى. «الحياة» التقت البلقاسي على هامش الملتقى الذي انطلق بجهود ذاتية ل «دعم السياحة الفنية، ولتوظيف الفن في خدمة القضايا العربية المشتركة، وفيما تتصاعد النظرة المحلية»، على حد قوله. اختار الفنان المصري الممثلة سميحة أيوب وجهاً للملتقى الذي كرّمها بميدالية برونزية في الافتتاح، ما أثار استغراب البعض لأن المكرّمة تميّزت في مجال التمثيل، لا في الفن التشكيلي وتحديداً في «البورتريه والمنظر الطبيعي» موضوعَي الملتقى. غير أن البلقاسي يرفض النظرة الضيقة إلى الفن، قائلاً: «اختياري لأيوب جاء تقديراً لعطائها الضخم للفن والثقافة. المسرح أبو الفنون ومن ثم يجب التعامل مع الفن كوحدة واحدة، كما أنها ليست المكرمة الوحيدة إذ احتفى المهرجان كذلك باسم النحات العراقي الراحل جواد سليم العربي، واسم الفنان الكويتي عبدالعزيز التميمي». أما عن اختيار السعودية ضيف شرف فيقول: «تشهد المملكة العربية السعودية حركة تشكيلية كبيرة واضحة ومتميزة، وقد شارك في هذه الدورة 55 فناناً تشكيلياً من المملكة رشحهم كل من الفنان أحمد بخاري والفنانة هالة فقيها». واللافت في تلك الدورة مشاركة فنانين من ذوي الحاجات الخاصة منهم الفنانة هالة فقيها نفسها التي كانت من منظّمي الملتقى، بهدف دمج الفنانين ذوي الحاجات الخاصة في حركة الفن التشكيلي العربي، وتحقيق فكرة التواصل وتبادل الخبرات. ومن المشاركين السعوديين أيضاً عبدالله نواوي وسناء صميلان وفاطمة وارث وأحمد البار وأحمد الحربي وأميرة الحسين وأصغر فنانة من منطقة تبوك سديم الغامدي، وفنانون من الإمارات، البحرين، الأردن، العراق، لبنان، فلسطين. وإلى جانب ملتقى «بصمات»، يشارك البلقاسي في تجربة فنية أخرى تسعى إلى تنمية المواهب الفنية الشابة هي عبارة عن صالون ثقافي يحمل اسمه ويديره الشاعر أحمد الزيني. ويقول عنه أنه موجه أساساً إلى أبناء مدينته كفر الشيخ (شمال الدلتا) التي «أنجبت الموسيقي محمد الموجي والشاعر أحمد سويلم والفنان مصطفى متولي وآخرين في شتى المجالات الفنية». ولكن، ماذا عن نقابة الفنانين التشكيليين؟ يجيب بأسى: «للأسف فاشلة للغاية، فشل الفنانون أكثر من سبع مرات في انتخاب مجلس لهم، ومن ثم لم يستطع القائمون عليها استثمار مواردها لخدمة الحركة الفنية. من المخجل العلم أن الراتب التقاعدي للفنان التشكيلي يبلغ 50 جنيهاً فقط (أقل من 3 دولارات)، والأدهى أن الأعضاء لم يتلقوه منذ سنوات. لا أُحمل المسؤولية للقائم على النقابة فهي بلا مجلس منذ سنوات لتكاسل الأعضاء عن المشاركة على رغم أنها تضم 18 ألف عضو». شارك شيخ النحاتين في معارض فنية عدة داخل مصر وخارجها، كما شارك كعضو في لجان تحكيم مهرجانات متنوعة. ويفضل البلقاسي الأعمال الجدارية الضخمة، وقد مارس فن الحفر على الخشب والرسم بالقلم منذ مطلع الثمانينات، مستمداً إلهامه الإبداعي من موروثه العريق للبيئة المصرية الشعبية، فيظهر في كل أعماله عشقاً خاصاً للأرض والوطن والطبيعة مع طبائع الناس البسطاء. يتميز إنتاجه الغزير بنزعة صوفية وروحانية وبأسلوب تجريدي الخطوط تعبيري المضمون مشحون وجدانياً. هذا المخزون الكثيف جعله يركز على هموم الإنسان المعاصر وقلقه الوجودي في ظل العولمة والسرعة الفائقة في الأحداث، وصراع الهويات ما بين التراث والمعاصرة. ويعمل حالياً على أحدث لوحاته وهي «أكبر لوحة حفر على الخشب في العالم» وفق قوله، «أعمل عليها حالياً، ولن أعرضها حتى تكتمل صورتها ورؤيتها الفنية كما في مخيلتي». ولشيخ النحاتين بصمة نقدية بارزة، إذ قدم في العام 2014 «موسوعة معرض» تناول فيها أعمال 220 فناناً مصرياً وعربياً بقراءة نقدية، ويعمل حالياً على إعداد جزء ثانٍ.