واشنطن - «نشرة واشنطن» - يبدو اقتلاع شجرة ضخمة من أجل رفع الظلّ عن لوحة شمسية واحدة بمثابة هَدر، لكن معظم الأميركيين لديهم مجموعة لوحات شمسية أكثر نفعاً بيئياً من شجرة. يعشق الأميركيون أشجارهم، لكن في وقت يعمد فيه عدد متزايد من أصحاب المنازل في الأحياء التي تظللها الأشجار الوارفة إلى تركيب لوحات شمسية، ظهرت مشكلة انعكاس ظلال الأشجار على هذه اللوحات بما يخفض أدائها. وقد يتساءل بعض الناس، ما هو أهم للبيئة وللبشر في المدى البعيد: الطاقة النظيفة أم الأشجار؟ فيما تواصل الولاياتالمتحدة تطوير مصادر طاقة متجددة وتشجيع أصحاب المنازل على الاستفادة من ميزات ضريبية بخاصة للطاقة الشمسية وطاقة الريح، يأخذ دعاة الطاقة النظيفة موقفاً معارضاً من الجماعات البيئية التي تتصدر أجنداتهم أولويات أخرى. ففي مدينة تاكوما بارك (إحدى ضواحي العاصمة واشنطن)، أبلغ وجهاء المدينة صاحب منزل أن الأشجار العالية التي تلقي ظلالاً على لوحات شمسية ينوي تركيبها، تحميها قوانين المدينة الصارمة لحماية الأشجار، لأنها تشكل جزءاً من «الغابة الحضرية» المرغوبة للمدينة، التي تغطي نصف مساحتها. وأفاد صاحب المنزل في ضاحية تاكوما بارك، وهو مدرس العلوم البيئية في مدرسة ثانوية اسمه باتريك إرل، بأنه أجرى حسابات وأبلغ مسؤولي المدينة أن شجرته ستتطلب 140 سنة لالتقاط انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، وهو ما توفّره لوحاته الشمسية في غضون سنة فقط. وقال إن نصف ما تستهلكه داره من طاقة الكهرباء، التي كان يشتريها من شركة طاقة محلية، ولدتها محطات تعمل بالفحم الحجري الملوّث للبيئة. وبالنسبة إلى إرل، هي «مسألة عدالة بيئية بمقدار ما هي مسألة خفض غازات الدفيئة». وتابع: «حين نركز كثيراً على حماية الأشجار في حدائقنا، نغض النظر عن حقيقة أننا بعملنا هذا، نُجبر مجتمعات أخرى على تحمل الأثمان البيئية لإنتاجنا من الطاقة». وفي النهاية، وافقت السلطات واقتُلعت الشجرة في حديقة إيرل، في مقابل غَرس 23 شجرة أخرى في أنحاء المدينة. وفي مدينة سانيفيل (ولاية كاليفورنيا) كان النصر حليف اللوحات الشمسية أيضاً، إذ رفع زوجان دعوى في محكمة فيديرالية لحماية شجرة منزلهما، لكنهما أُبلغا أنه سيتعين عليهما قطع الشجرة التي تظلل اللوحات الشمسية لدار جارهما. وطبقاً ل «قانون ضبط الظل الشمسي» لولاية كاليفورنيا، لا يجوز لأصحاب المنازل أن يسمحوا للأشجار في حدائقهم أن تحجب أشعة الشمس بأكثر من 10 في المئة من اللوحات الشمسية لدور جيرانهم، في الفترة الممتدة من العاشرة صباحاً حتى الثانية بعض الظهر، حين تكون أشعة الشمس الساطعة على أشدها. وأنفقت مالكة منزل في ونتر سبرينغز (ولاية فلوريدا) نحو 26 ألف دولار لتركيب لوحات شمسية لدارها، وتمنّت من المدينة أن تسمح بقطع عدد من الأشجار التي كانت تحجب اللوحات التي استثمرت مالاً فيها. ووافقت المدينة، شرط أن تغرس السيدة أشجاراً جديدة مكان الأشجار القديمة، أو أن تدفع 250 دولاراً عن كل شجرة مقتلعة، إذا أرادت غرسها في مكان آخر. ومثل تلك المسائل الخلافية موجودة عالمياً. ففي السويد، احتجّت جماعات ضد تشييد توربينات ريح ضخمة في مناطق تتسم ب «حساسية بيئية». وفي البرازيل وبعض دول أميركا اللاتينية الأخرى، أثارت مشاريع كهرومائية معارضة بعض ممن يقولون إن بناء السدود عبر مجاري الأنهار يهدد أنظمة بيئية هشّة وبلدات محلية. ولدى مقابلة منافع الأشجار باللوحات الشمسية، قد يَعتمد اتخاذ قرار في شأن اختيار أي من الاثنين على مكان إقامة الفرد، وفقاً لبيتر ستريف، الأستاذ في «جامعة كاليفورنيا - ديفيز»، والمدير المشارك ل «تعاونية كاليفورنيا للطاقة الشمسية». قال ستريف: «في الولايات الأميركية التي يوجد فيها ضوء شمس أقل، قد لا تكون التضحية بالأشجار ذات جدوى، لأن العائد من توفير الطاقة جراء عدم استخدام الوقود الأحفوري قد يكون قليلاً للغاية، لكن في جنوب شرق البلاد المشمس قد يكون اقتلاع الأشجار واستبدالها بأشجار أقصر لا تحجب الألواح الشمسية قد يكون ذا جدوى أكبر». وتشير الخبيرة في الطاقة الشمسية وزميلة ستريف، جان كليسل، من «جامعة كاليفورنيا - سان دييغو»، إلى أن كثيرين ينسون أنه حين تموت الأشجار وتتحلل، ينبعث منها غاز الكربون الذي كانت تلتقطه وهي حية. وأضافت: «يغالي الجمهور عموماً في أثر امتصاص ثاني أوكسيد الكربون للأشجار، في حين أن اللوحات الشمسية تزيل الكربون إلى الأبد عبر استبدال الوقود الأحفوري، كما أن اللوحات أكثر كفاءة بنسبة ما بين 10 و20 في المئة من الأشجار في إزالة الكربون».