أكدت مصر عدم لجوئها إلى صندوق النقد الدولي لأنها لا تحتاج إلى المساعدة النقدية أو المالية، إذ اعتبرت أن «الإجراءات التي ستتخذها الحكومة كافية لحل الأزمة الحالية». وتدخل البنك المركزي المصري أمس في سوق القطع لدعم الجنيه، الذي سجل 5.87 جنيه للدولار، مرتفعاً من مستوى 5.952 عند إقفال أول من أمس، للمرة الأولى منذ بدء الاحتجاجات السياسية. وكان الجنيه تراجع في شكل مطرد منذ بدئها في 25 كانون الثاني (يناير) الماضي، واستمرت السوق مقفلة أسبوعاً، لتستأنف نشاطها أول من أمس. وأكد نائب محافظ البنك المركزي هشام رامز، تدخل المصرف في السوق، رافضاً الإفصاح عن حجم هذا التدخل. وافترض متعاملون أن البنك المركزي «كان يحاول استعادة الثقة قبل إعادة فتح سوق الأسهم الأسبوع المقبل، وربما يكون لمصير الجنيه دور كبير في تحديد حجم الضرر الذي ستتعرض له الأسهم نتيجة الأزمة». وأشار أحد المتعاملين في السوق، إلى أن «حجم التدخل كبير»، مذكّراً بأن السوق «شهدت الأسوأ على صعيد هروب رأس المال»، موضحاً أنهم «يريدون الآن متنفساً قبل فتح البورصة الأسبوع المقبل». فيما لفت خبير اقتصادي، إلى أنه لم يتوقع «تدخل المركزي قبل تراجع العملة إلى ستة جنيهات للدولار». وأكد جون سفاكياناكيس من البنك السعودي - الفرنسي، لوكالة «رويترز» أنهم «يتعاملون بجدية مع مسألة انخفاض قيمة الجنيه وسيتدخلون مهما كان الثمن». وأكد وزير المال المصري سمير رضوان، «عدم اللجوء إلى صندوق النقد الدولي لمواجهة الخسائر المالية الناجمة عن الأحداث الراهنة». وأعلن في اجتماع للجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب، أن محافظ البنك المركزي فاروق العقدة «توجه برسالة رسمية إلى صندوق النقد يؤكد فيها عدم الحاجة إلى مساعدة نقدية، لأن الإجراءات التي ستتخذها الحكومة كافية لحل الأزمة الحالية». وأشار رضوان، إلى أن المرحلة المقبلة «لا تحتاج إلى الكلام في موضوع المالية»، مشيراً إلى «ثلاثة أهداف واضحة أمامنا يجب تحقيقها، وتتمثل بمراعاة عدم الوقوع في فخ زيادة عجز الموازنة، وبأن تصبّ الإجراءات العاجلة في توجه استراتيجي في الوزارة والإجابة من دون لفّ أو دوران عن كل الأسئلة». وتعهد بأن «يكون دور الموازنة العامة والإنفاق العام لتحقيق العدالة الاجتماعية ومواجهة الموقف الجديد، بحلول لها صفة الاستدامة ومساعدة المتضررين». ووافقت اللجنة في اجتماعها على ثلاثة مشاريع قوانين تتعلق بتعديل بعض أبواب الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2010 - 2011، والإعفاء من الضريبة الإضافية المستحقة على عدم تسديد الضريبة العامة على المبيعات، وإعفاء المنشآت والمؤمّن عليهم من المبالغ الإضافية». وعلى صعيد البورصة المصرية، التي تقرّر استئناف نشاطها الأحد المقبل، اتخذت هيئة الرقابة المالية المصرية إجراءات تتصل بالتداول، تسري أسبوعاً ويُعاد تقويمها بعده. وتتمثل هذه الإجراءات في «تقليص زمن التداول إلى 3 ساعات الأحد المقبل، ووقف العمل بالجلسة الاستكشافية في البورصة المصرية، واستمرار العمل بهوامش السعر، وخفض تلك المتصلة بالأسهم في بورصة النيل إلى 5 في المئة يومياً، وتعليق العمل بنظام T+1 لآليات البيع والشراء، وتسهيل عمليات شراء أسهم الخزينة للشركات المدرجة. وانعكست أحداث مصر على الخدمات الملاحية والمصرفية، إذ لفتت مصادر تجارية وملاحية إلى أن التأخير في الموانئ وتقليص الخدمات المصرفية لا يزالان يؤثران في شحن البضائع إلى مصر، لكن البلد لا يواجه أي نقص في الحبوب. وتحاول الحكومة إعادة الأوضاع إلى طبيعتها منذ مطلع الأسبوع، إذ فتحت المصارف أبوابها الأحد الماضي مع تقليص ساعات العمل، بعد إغلاق استمر أسبوعاً كما خُفّضت ساعات حظر التجول. ولاحظت مصادر ملاحية، أن عمليات البضائع في موانئ الإسكندرية ودمياط وبورسعيد التي تتعامل تحديداً مع الشحنات غير المعبأة والحاويات، لم تعد إلى طاقتها الكاملة. وأوضح وكيل شركة «سوق لويدز للتأمين» في الاسكندرية دان ديلاني، أن «الموانئ مفتوحة للعمل كالمعتاد، لكن الأعمال متراكمة في شكل كبير ويحاولون إنجازها»، مؤكداً حصول تأخير. ولفتت المصادر، إلى أن الشاحنات تمكنت من العودة إلى الموانئ الأحد الماضي، لنقل البضائع بعد مضي أكثر من أسبوع شهد نقصاً في عدد موظفي الجمارك واحتجاجات تسببت في إعاقة عمليات التسليم. وفي مجال مخزون الحبوب، أكدت مصر أن شحنات القمح تصل إلى الموانئ من دون تأخير، واشترت الهيئة العامة للسلع التموينية 170 ألف طن من القمح اللين. وأعلن تاجر أوروبي، استمرار «القلق في شأن وضع الشحنات المصرية بسبب المشاكل القائمة في المصارف والموانئ». وأشار إلى أن مصر «أكدت ان مخزون القمح يكفي ستة شهور، وهو الحد الأدنى المعتاد للبلاد، ولا أعتقد أننا امام ضغط شديد على المخزون». وتوقع تاجر آخر، تسليم 180 ألف طن من الحبوب بين 11 و20 الشهر الجاري.