ما حدث ويحدث في الشارع المصري لا يخرج عن كونه أزمة ثقة بين الجميع في مصر، فلا احد يصدق الآخر ولا احد يمكن أن يثق في الآخر. البعض خائف والبعض الآخر يحسب حسابات المرحلة المقبلة، والبعض اثر الصمت، ولكن الغريب أن الجميع ينتظر المكافأة، فأحدهم يأمل ويحلم أن يصبح رئيساً لهذا النادي فيلعب لعبة الموت بالدفاع المستمر والمستميت عن النظام والهجوم والسباب للآخرين، والآخر يحلم بعضوية مجلس الشعب فينافق ويراهن ويؤكد المساندة العلنية على رغم أنه خلف الأبواب المغلقة يسب ويلعن ويكفر سيئات النظام، وواحد آخر يأمل في الوزارة والمقعد الوتير فيختفي تماماً حتى إذا انتهت الأزمة خرج علينا بأنة كان معهم ولا احد يعرف من معهم ومن عليهم. لذلك وبكل أسف إننا في ظل كل هذه الأزمات الكل يبحث عن الكعكة أو جزء من الكعكة أيا كان الثمن المهم أن يفوز ويلتهم الجزء الأكبر من هذه الكعكة وان كان يقيني أن الفائز الأوحد حتى الآن هو الشعب، وما قدمه من تضحيات كبيرة وصلت إلى تقديم الروح فداء الوطن ليصبح وللمرة الأولى في العصر الحديث هتاف بالروح بالدم نفديك يا مصر. حقيقة واقعة فقد ذهب الكثيرون من الشباب ضحية أو قربانا لهذه الثورة الشعبية الرائعة قدموا أروحهم فداء الوطن آمنوا بحريته فاستماتوا حتى ماتوا في الدفاع عنه، وما زال لديهم الاستعداد للتضحية بالكثير من الدماء فداء ووفاء لهذا الوطن، ولكن وبكل أسف بقي البعض ينافق ويداهن ويلعب بنفس طرق اللعب القديمة بعيداً تماماً عن مصلحة الوطن فقط لمصالح شخصية ومناصب فردية فنسوا الوطن ونسوا الحساب يوم الحساب وتفرغوا للنفاق والرياء حتى في أصعب وأحلك الأوقات. ورغم خوفي وهلعي مما قد يحدث في الشهور الخمسة المقبلة فأمام عيني سيناريو لا أريد أن أصدقه، ولكن لا اعرف لماذا يلح عليّ دائما، وهو أن شيئاً لن يتغير وان الأمور ستعود أدراجها بعد فترة ليست بالطويلة والمظاهرات المعاكسة ستجوب المحافظات والميادين، والنزول عن رغبة الشعب ستحقق، وسنعيش من جديد بنفس الطريقة العتيقة وسنغلق كل نوافذ الحرية. أعود وأقول إنها أزمة ثقة لأنه لم يعد احد يثق في الوعود والكلمات والنغمات المتتالية والتي تصدر من هنا وهناك. هم يعلمون أنهم يكافحون لتخطي هذه الأزمة العنيفة، وفور أن يفرغوا منها سيتفرغون للحساب والثواب والعقاب وسنرجع أكثر من خمسين عاماً للخلف ولن تنتهي محاكم (دنشواي) وسيختفي الكثيرون وتزيد وتعلو أسهم المنافقين والمستفيدين وسنصبح مثل فؤاد المهندس في فيلم (ارض النفاق) لا يبالي ولا يكترث بالضرب أو السب من الصغير قبل الكبير بعد انتهاء مفعول حبوب الشجاعة فهل يظل المفعول معنا حتى النهاية أم أن الوقت قد قارب على الانتهاء. [email protected]