أعلن المدير العام لصندوق النقد العربي عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، عن مشروع لإنشاء نظام إقليمي لمقاصة المدفوعات العربية البينية وتسويتها. وقال في افتتاح ورشة في مقره في أبوظبي أمس، إن هذا المشروع سيعزز فرص استخدام العملات العربية في تسوية المعاملات البينية، ما يساعد في خفض الوقت والكلفة والسيولة اللازمة لمقاصة هذه المعاملات من جهة، ويخدم فرص تعزيز الاستثمارات والتجارة العربية البينية. وأكد أن هذا المشروع يحظى بدعم مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية ومتابعة مجلس وزراء المال العرب، منذ بدء الإعداد له عام 2008، بمراحل متعددة بدءاً بإعداد بعض الدراسات الأولية، ثم دراسة الجدوى الشاملة، فمرحلة ما قبل التصميم، وصولاً إلى مرحلة التصميم الحالية، التي كلف بها صندوق النقد العربي، وهي المرحلة الأخيرة قبل الانتقال إلى التنفيذ. وقال: «تم إعداد التصميم المقترح بالتعاون مع الشركة الاستشارية «بوز ألن هاملتون» التي باشرت منذ أيلول (سبتمبر) 2016، اعداد التصميم المطلوب بالمشاركة مع فريق عمل يتكون من ممثلي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية وفنيين من صندوق النقد العربي وخبراء من البنك الدولي وبنك التسويات الدولية». ونظم الصندوق بهدف إنجاز التصميم المطلوب خلال الفترة الماضية في أبوظبي من ايلول 2016 إلى تموز (يوليو) 2017، سبعة اجتماعات رسمية لفريق العمل المشار إليه، بحضور ممثلي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية المعنية وخبراء الشركة الاستشارية، وبمشاركة البنك الدولي، جرى فيها مناقشة جوانب مختلفة من التصميم. كما تم خلال الفترة المنقضية زيارة عدد من الدول العربية، بهدف التعرف إلى آرائها حول جوانب التصميم، جرى خلالها عقد اجتماعات مع الإدارات العليا والإدارات المعنية لدى المصارف المركزية في هذه الدول. إضافة إلى ذلك، تعاون الصندوق مع الشركة الاستشارية في إعداد عدد من الاستبيانات والمسوح، تناولت قضايا متعددة من جوانب التصميم، الى جانب التعرف إلى الحاجات والخدمات المطلوبة من النظام المقترح. وشملت جهود الصندوق خلال تلك الفترة وفقاً للحميدي، التواصل مع مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي، حيث تم عقد اجتماعات مع الإدارات المعنية فيها في فرانكفورت ونيويورك لمناقشة متطلبات تضمين الدولار واليورو كعملات تسوية إلى جانب العملات العربية في هذا النظام الإقليمي. يذكر أن من أهم ملامح نموذج عمل النظام المقترح، إنشاء آلية مركزية لمقاصة المدفوعات العربية البينية وتسويتها خلال اليوم، تشبه خدمات البنوك المراسلة العالمية، من دون أي تعديلات جوهرية على الأنظمة والإجراءات والقوانين السائدة لنظم المدفوعات لدى الدول العربية. كذلك يراعي التصميم الالتزام بالمعايير والمبادئ الدولية المتعارف عليها وتحديداً المبادئ الدولية للبنية التحتية المالية، والمعايير والمبادئ المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ويمتاز التصميم بالمرونة من حيث المشاركة في النظام من قبل المصارف المركزية والبنوك التجارية، وفقاً لرأي كل مصرف مركزي. ويقوم النموذج على استخدام العملات العربية في عمليات المقاصة والتسوية، إلى جانب العملات الدولية الرئيسية، وكذلك يقوم على الحد من الأخطار الائتمانية عبر شرط توافر الأموال في الحسابات قبل إجراء عملية التحويل. وأكد المدير العام للصندوق الحرص على التواصل مع البنوك وشركات الصرافة لما لها من دور مهم كمستخدمين ومستفيدين من خدمات النظام الإقليمي المقترح بهدف التعرف إلى حاجات ومتطلبات هذه البنوك والشركات من الخدمات التي يمكن أن يوفرها نظام التسويات العربي. كما اشتملت الاستبيانات التي جرى توزيعها، استبياناً خاصاً تم توزيعه على البنوك التجارية وشركات الصرافة في معظم الدول العربية، حيث تم استلام إجابات أكثر من 240 بنك وشركة صرافة. إضافة إلى ذلك وفي إطار هذا الحرص على التواصل، نظم الصندوق ورشة عمل أولية تعريفية بالمشروع خلال آذار (مارس) الماضي خصصت للبنوك وشركات الصرافة في الدول العربية، بهدف التعريف بالجوانب الرئيسية للتصميم والاطلاع على ملاحظات الدول العربية واقتراحاتها في هذا الشأن. وتأتي ورشة العمل استكمالاً لهذه الجهود، لإطلاع البنوك وشركات الصرافة على جوانب التصميم النهائية ذات العلاقة بعملهم. وقال الحميدي: «نحن جدّ سعداء بحضور هذا العدد الكبير من البنوك اليوم (نحو 130 مصرفاً عربياً). وأكد الحميدي أن نجاح هذا المشروع وتحقيقه الأهداف المتوخاة منه، يرتبط بقدرة هذا النظام على تلبية حاجات المؤسسات المالية والمصرفية العربية ومتطلباتها، من خدمات تنافسية في مقاصة المدفوعات وتسويتها عبر الحدود، ليس فقط في المرحلة الحالية، بل أيضاً في قدرة هذا النظام على الاستجابة للتطلعات والتطورات المستقبلية في الخدمات المالية، في ظل التغيرات المتسارعة التي باتت تلازم الصناعة المالية والمصرفية، والاستخدامات المتزايدة للتقنيات الحديثة.