لندن، ميونيخ - «الحياة»، رويترز، ا ف ب - استغلت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون مؤتمراً امنياً، يُعقد في المانيا، لتحذر من ان منطقة الشرق الاوسط تواجه «عاصفة من الاضطرابات بكل معاني الكلمة»، ولتحض زعماء المنطقة على الاسراع في تطبيق الاصلاحات الديموقراطية الحقيقية و»الا خاطروا بمزيد من زعزعة الاستقرار». وقالت كلينتون، في كلمة أمام المؤتمر ال47 حول الامن في ميونيخ، «أن عدم وجود اصلاحات سياسية، اضافة الى تزايد أعداد الشباب وتكنولوجيا الانترنت الحديثة، يُهدد النظام القديم في منطقة مهمة لأمن الولاياتالمتحدة». وشددت الوزيرة الاميركية، التي تجاهلت الاشارة الى اي دولة تعتقد الولاياتالمتحدة بانها ستواجه اضطرابات مستقبلية، على ان «عاصفة، بكل معاني الكلمة، ذات تيارات قوية تجتاح المنطقة وهذا ما دفع المتظاهرين الى الشوارع في تونسوالقاهرة ومدن في مختلف أنحاء المنطقة». وقالت: «الوضع القائم حالياً لا يمكن أن يستمر». ولم تناقش كلمة كلينتون تفصيلاً الاضطرابات السياسية في مصر، التي قال محللون انها هيمنت على مناقشات مؤتمر ميونيخ الذي جمع عدداً من القادة والقانونيين والمحللين. واعتبرت الوزيرة انه «ببساطة هذه (الاصلاحات) ليست مسألة مثالية، انها ضرورة استراتيجية، ومن دون تقدم حقيقي تجاه أنظمة سياسية شفافة وعرضة للمساءلة ستزداد الفجوة بين الشعوب وحكوماتها وتزيد حالة عدم الاستقرار عمقا وستكون كل مصالحنا معرضة للخطر». وكانت ادارة الرئيس باراك أوباما حضت على مدى الاسبوعين الماضيين الرئيس المصري حسني مبارك على اعداد «انتقال منظم» للسلطة خلال 12 يوماً من الاحتجاجات الحاشدة غير المسبوقة ضد حكمه المستمر منذ ثلاثة عقود. وكان أوباما نفسه، وفي أكثر تصريحاته وضوحاً حتى الآن مبارك حض مبارك الجمعة على «اتخاذ القرار الصحيح» لكنه لم يطالبه علناً بالتنحي فوراً كما يطالب المحتجون المصريون. وذُكر أن كلينتون، أكدت على موضوع الانتقال المنظم للسلطة، خلال اجتماعاتها الثنائية في ميونيخ مع كل من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والمستشارة الالمانية أنغيلا مركل وعدد من القادة الاوروبيين. وقال مصدر ديبلوماسي، تحدث الى وكالة «رويترز» و»هيئة الاذاعة البريطانية، أن كلينتون أبلغت نظراءها الاوروبيين «أن مبارك أصبح فعلياً خارج السلطة لكن مصر بحاجة لوقت للاعداد لانتخابات في وجود حكومة انتقالية» من دون ان تذكر من يتولى ادارة شؤون الدولة المصرية او يعيد «ترتيب البيت في القاهرة». وبدا ان كلينتون عرضت مشكلة الشرق الاوسط تفصيلاً وكررت بتوسع التحذيرات التي اوردتها في كلمة ألقتها الشهر الماضي في قطر عندما قالت «أن الاضطرابات السياسية الحالية ستؤدي الى تغيير في المنطقة». واستلهمت الاحتجاجات في مصر ثورة أدت الى اطاحة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وأدت أيضاً الى احتجاجات جديدة في الاردن واليمن اللذين تعهد زعيماهما بمزيد من الاصلاحات. وقالت كلينتون «أن عليهما وزعماء آخرين في المنطقة الوفاء بالتعهدات وعدم استغلال تهديد التطرف كذريعة لتأخير التغيير». واعتبرت ان «الانتقال الى الديموقراطية سيكون مجدياً فقط اذا كان مدروساً وشاملاً وشفافا وأن الاصلاحات غير الكاملة يمكن أن تؤدي الى حركات احتجاجية يختطفها شموليون جدد يلجأون الى العنف والخداع والانتخابات المزورة للبقاء في السلطة أو طرح جدول أعمال محوره التطرف... ويجب ألا تعتبر أي حكومة في المنطقة نفسها في منأى عن موجة التغيير». ولاحظت ان «بعض الزعماء يعتقدون بصراحة أن بلادهم استثناء وأن شعبهم لن يطالب بفرص سياسية أو اقتصادية أكبر وأنه يمكن استرضاؤهم بأنصاف الاجراءات»، مشيرة الى انه «على المدى القصير قد يكون ذلك صحيحاً لكن كما تثبت الاحداث الاخيرة فانه على المدى البعيد لا يمكن الاستمرار في ذلك». ونوهت كلينتون ب»ضبط النفس» الذي اظهرته السلطات المصرية خلال تظاهرات الجمعة المناهضة لنظام مبارك بعد اعمال العنف التي شهدها ميدان التحرير في الايام السابقة. في الوقت نفسه ابدت مركل حذراً في التعامل مع شؤون الشرق الاوسط ودعت الى تغيير «منظم» في مصر وغيرها من دول المنطقة. لكن رئيس الوزراء البريطاني اختلف معها، وقال «ان تحقيق استقرار اكبر في مصر يتطلب تغييراً سريعاً». واضاف «اخشى كلما طال الوضع ان يتعزز موقف الذين يريدون اقامة دولة مصرية لا نريدها»، من دون ان يوضح ما اذا كان يتحدث عن قيام نظام اصولي او عسكري.