ما أجمل الصمت حينما نشعر بنبضاته في قلوبنا ونتلمس إيحاءاته بشيء من الإطراء الحسي التفاعلي المفعم بالحب والنبل والصفاء. إنه صمت الآخر الذي وهب لنا مساحة كي نكتشف غموضه، ونغوص في ملامحه التي تنطق وتتوسل العطف والإحساس بالوجود! صمت كهذا ينطق بلغة الإيثار التي لم تعد مجدية في زمن يحتاج الى الصراخ والعويل. ولن يكون هنالك صدى لمن سجن صوته كي ينعم غيره بالحرية، حتى لو كانت هذه الحرية سبباً لفنائه. إن اختلال الموازين سببه نحن لأننا ببساطة نغرق بالأنا وحب الذات ونظن إن إنصات الآخر لنا قوة لنا. منطق غريب يقبع خلف نرجسية مقيتة يصوره لنا وهم كاذب وتعالٍ ساقط، كي نلغي الآخر ومن هو الآخر؟ قد يكون أقرب الناس إلينا، وقد نجره ليكون أقرب الناس لغيرنا؟ (تحكي العيون ولكن بصمت. وهذا أجمل ما يميزها).