كرّر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو رفضه الطلب الأميركي وقف البناء في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربيةالمحتلة واعتبره ضمن «المطالب غير المعقولة»، وقال إنه لا يمكن «تجميد الحياة في المستوطنات». وجاءت أقوال نتانياهو أمام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية أمس في وقت غادر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك إلى واشنطن حيث سيحاول تخفيف حدة التوتر الناشئ في العلاقات بين البلدين على خلفية الانتقادات الأميركية لإسرائيل لمواصلتها البناء في المستوطنات، ووسط تقارير بأن واشنطن تضغط على إسرائيل أيضاً لتفتح المعابر الحدودية مع قطاع غزة لإمداد سكانه بالمواد الغذائية والأدوية. وقال نتانياهو في أول ظهور له أمام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية منذ تسلمه منصبه الحالي إن إسرائيل لن تبني مستوطنات جديدة في الأراضي المحتلة وتلتزم تفكيك البؤر الاستيطانية العشوائية «لكننا لن نجمّد الحياة في يهودا والسامرة (الضفة الغربيةالمحتلة)». وعن مستقبل المفاوضات مع الفلسطينيين، قال إن إسرائيل مستعدة لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين فوراً وبلا شروط مسبقة. وأضاف أنها «مستعدة أيضاً أن تكون المفاوضات سياسية وليس فقط أمنية - اقتصادية»، وهذه أول مرة يعلن نتانياهو مثل هذا الاستعداد بعد أن تحدث في السابق عن «السلام الاقتصادي». وأكد أن إسرائيل ليست معنية بالسيطرة على الفلسطينيين، لكنها «ليست مستعدة ليكون لهم جيش أو أن يبرموا تحالفات مع إيران». ورداً على ملاحظات أعضاء اللجنة على المطلب الأميركي بوقف الاستيطان في الضفة، قال: «لن نبني مستوطنات جديدة... وثمة نية لتفكيك البؤر غير المرخصة، لكن هناك مطالب منطقية وأخرى غير منطقية، ومصير المستوطنات سيتحدد في مفاوضات الحل الدائم». من جهتها، هاجمت زعيمة حزب «كديما» تسيبي ليفني رئيس الحكومة على سياسته. ورأت أنه تسبب في انهيار ديبلوماسي وفي المساس بعلاقات إسرائيل بدول العالم. ونصحته بأن يفيق «قبل أن يتسبب في ضرر إضافي ومساس بمصالح إسرائيلية أخرى». وحذرت من أن العمل على كسب الوقت سيأتي بأسوأ النتائج، «وأنا أقول لك إنه من خلال إدارة الأمور في شكل صحيح يمكن تجنيد الولاياتالمتحدة إلى جانبنا حتى في مسائل مهمة لنا بما فيها مسألة (مواصلة البناء في) الكتل الاستيطانية». وأيدت ليفني الحكومة في موقفها من مواصلة إغلاق المعابر مع غزة وحذرت من أن فتحها سيعتبر نصراً لحركة «حماس». وكانت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية أفادت أمس أن واشنطن تمارس ضغوطاً كبيرة على إسرائيل لفتح المعابر مع القطاع، لكنها أشارت إلى أن وزير الدفاع إيهود باراك المحسوب وحزبه «العمل» على التيار المعتدل في الحكومة الإسرائيلية يعارض أيضاً فتح المعابر في شكل كامل، وأنه سينقل موقفه هذا إلى المسؤولين الأميركيين الذين يلتقيهم في واشنطن خلال زيارته الحالية التي بدأت أمس. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين إسرائيليين وغربيين أمس أن نتانياهو يفكّر في تخفيف الحصار على قطاع غزة بغرض السماح بمرور الإمدادات لبعض مشروعات إعادة الإعمار التي يموّلها الغرب. لكنهم قالوا إن أي تخفيف للحصار لن يكون كبيراً نظراً إلى المعارضة التي سيلقاها نتانياهو داخل حكومته اليمينية لأي تغيير كبير في السياسة. وقال ديبلوماسيون إنه في إطار مراجعة السياسة الإسرائيلية نحو غزة، يفكر نتانياهو وباراك في عرض قدمته الأممالمتحدة بالإشراف على المشروعات التي توافق عليها إسرائيل من أجل التأكد من عدم تمكن «حماس» من الاستيلاء على مواد إعادة البناء. وذكرت وسائل الإعلام العبرية أن باراك سيكرس الكثير من وقته لمحاولة إقناع واشنطن بتخفيف الضغوط على إسرائيل في مسألة البناء في المستوطنات في الضفة، وأنه سيوضح لهم أن موقف الحكومة الرافض وقف البناء هو موضع إجماع الائتلاف والمعارضة على السواء، في إشارة إلى أنهما متفقين على ضم الكتل الاستيطانية الكبرى إلى إسرائيل في إطار أي اتفاق دائم. وكان باراك أعلن في وقت سابق أنه «يجب على إسرائيل أن تحتفظ بحقها في مواصلة البناء في مجمعات الاستيطان الكبرى». في المقابل، سيبلغ باراك مضيفيه بخطته لتفكيك 22 بؤرة استيطانية غير قانونية، محاولاً مقايضة ذلك بأن تسمح الولاياتالمتحدة لإسرائيل بمواصلة البناء داخل المستوطنات القائمة من أجل مواجهة «النمو الطبيعي». لكن الإذاعة العسكرية أوضحت على لسان مسؤول أمني رفيع أن تفكيك البؤر لن يتم قبل الانتهاء من الحوار مع قادة المستوطنين للتوصل إلى تفاهمات معهم، مضيفاً أن ما يقوم به الجيش حالياً هو منع وضع مبان جديدة. إلى ذلك، أعربت مصادر إسرائيلية عن قلقها من السياسة الأميركية الجديدة تجاه الدولة العبرية، وأشارت إلى ما نقلته صحيفة «صانداي تايمز» اللندنية أول من أمس على لسان موظفين في البيت الأبيض عن أن الرئيس باراك أوباما معني بتحديد فترة زمنية من عامين لحل الصراع في الشرق الأوسط، وأنه يعتزم أن يعلن في خطابه في القاهرة بعد غد الخميس عزمه على الخوض في «القضايا الشائكة» في الصراع العربي - الإسرائيلي، رغم معارضة الحكومة الإسرائيلية الحالية التقدم في هذا المسار. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن أوساط أميركية قولها ان إدارة أوباما أبلغت القيادات اليهودية في الولاياتالمتحدة بأن لا تعلق آمالاً على نجاح باراك في إقناع الرئيس أو وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون بالكف عن الضغط في مسألة الاستيطان.