ظل قرار حظر التجول قيد عدم الالتزام منذ فرضه مع ليلة «جمعة الغضب» وحتى أمس، فالمتظاهرون في ميدان التحرير يتجولون في الشوارع المحيطة طوال الليل، كما أن بعض سكان قلب العاصمة يستطيعون الوصول إلى ساحة التظاهرات بسهولة لا تخلو من بعض المضايقات «المُرحّب» بها. مشهد المتجولين ليلاً في شوارع القصر العيني والتحرير وطلعت حرب لافت، فعلى ما يبدو أنهم فرغوا من التظاهر، وذاهبون للحصول على قسط من الراحة تمهيداً ليوم احتجاجي آخر. حظر التجول بقي فقط على المرافق العامة، لا سيما المواصلات، لكن السيارات الخاصة وسيارات الأجرة تجوب الشوارع بين آن وآخر، أما المواصلات العامة فتتوقف مع ساعات الحظر وفقاً لقرار من السلطة. أما حركة البيع، فهي الأخرى طُبّق عليها قرار حظر التجول لكن من دون إرادتها، فغالبية المتاجر في مصر تغلق مع حلول ساعات الليل خوفاً من النهب، بيد أن بعض التجار أعلنوا الإغلاق التام لمتاجرهم حتى إشعار آخر، مع نقل بضائعهم إلى أماكن آمنة، على ما يبدو أنها المنازل، فالخلود إلى النوم إلى جوار بضائعهم أكثر أماناً من تركها عرضة للصوص. وظلت قوات الجيش حريصة على عدم التعرض للمتجولين في الشارع، لكنها تشدد من إجراءاتها في محاولة لبسط الأمن، فالمتجولون يتعرضون إلى التفتيش ويطلب منهم إبراز هوياتهم، لكن تلك الإجراءات «مرحب بها من الجماهير»، فلا يبدو غريباً أن تجد في وسط أحد الشوارع حواراً باسماً بين ضابط في الجيش يقف على أحد المكامن العسكرية المنتشرة، وأحد المواطنين ينتهي إلى تفتيشه قبل أن يسمح له الضابط بالمرور. ويتكرر هذا مع قادة السيارات. وشهدت مصر فرض حظر التجول مرتين سابقاً: الأولى في عام 1977 حين خرج آلاف في انتفاضة شعبية احتجاجاً على ارتفاع أسعار السلع وإلغاء الدعم الحكومي عن بعضها، نعتها الرئيس السابق أنور السادات ب «انتفاضة الحرامية»، كما فرض حظر التجول عام 1986 بعد تمرد لجنود الأمن المركزي احتجاجاً على سوء أوضاعهم، لكن في المرتين السابقتين طُبق القرار بحذافيره وسيطر الجيش على الشارع تماماً. لكن هذه المرة بات حظر التجول قراراً شكلياً، على رغم التحذيرات التي أطلقها الجيش من التعامل بعنف مع من يخرق حظر التجول، ودعا إلى التزام الناس وإعادة السيطرة على الموقف الأمني المنفلت، فعلى ما يبدو أن كثرة أعداد المتظاهرين الذين يتضاعفون يوماً بعد يوم يحول دون تنفيذ القرار في شكل كامل.