ألغى التلفزيون المصري برامجه المعتادة، بعدما أوقف مذيعه الشهير الزميل محمود سعد عن العمل في برنامج «مصر النهارده» لرفضه نهج وزير الإعلام أنس الفقي في التعامل مع الثورة الشعبية التي انطلقت شرارتها في 25 كانون الثاني (يناير) الماضي. والغريب أن الفقي المحسوب على «الحرس الجديد» في الحزب الحاكم والذي توقع كثيرون إقالته، اختير ضمن تشكيلة الحكومة الجديدة، ليعطي مؤشراً جديداً على التلكؤ في استجابة طموح الساعين الى التغيير، خصوصاً بعد تسريب معلومات تؤكد أن اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري يواجه خسائر تزيد على 11 بليون جنيه. ويواصل التلفزيون المصري كذلك حجب آراء الفنانين المؤيدين للثورة، ومنهم عادل إمام الذي ظهر مراراً على شاشات عدة لينفي ما نسب إليه من عداء للثائرين الذين استلهم بعضهم مشهد الاحتجاج الشهير الذي تضمنته نهاية فيلمه «النوم في العسل»، وفيه تكتفي الحشود بالصراخ في وجه قوات الأمن المتأهبة للانقضاض عليها بغية وضع حد لغضبها. ويمكن القول إن عادل إمام الذي يتمتع بشعبية كبيرة صرح على مدى السنوات القليلة الماضية غير مرة بتأييده ترشيح جمال مبارك خوض انتخابات رئاسة البلاد المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل باعتباره مواطناً مصرياً يحق له الترشح لتلك الانتخابات». وأطلّ الفنان عمر الشريف عبر خدمة «بي بي سي العالمية» من شرفة شقته المطلة على احتشاد الجماهير على الطرقات في القاهرة، وقال: «لم أتخيل أبداً أن هذا سيحدث. لست سياسياً، وأنا عادة أقرأ الصفحات الرياضية وليس السياسية في الصحف، لكنني دائماً مع الشباب وما يريدونه هو الأهم وليس ما تريده الحكومة». وأضاف: «أنا سعيد جداً لرؤية الشباب يتحركون في الشارع ويعملون في شكل جدي لتحقيق مبتغاهم وهو خروج مبارك من الحكم. لكن الخطر الوحيد بعد خروج مبارك هو ما إذا كان الدعم الأميركي والإسرائيلي لمصر سيستمر. عدا عن ذلك أنا مع إرادة الشعب 100 في المئة». وأشار الشريف الى أن «الشباب المصري شباب جميل غير عنيف يتحرك بنشاط». وأكد أن الموقف صعب ولا يعرف كيف سينتهي، ولكن «بالتأكيد إذا حصل التصويت فغالبية المصريين سيصوتون ضد مبارك بعد أن ملّوا من الوضع. هم يريدون الديموقراطية وهو شعور جميل إذ لم أسمع أحداً يتحدث هكذا قبل الآن، وأنا أشجعهم على ذلك». ومن وسط الحشود في ميدان التحرير ولدت جريدة تحت عنوان «صوت الثورة» برز من بين محرريها اسم الفنان خالد الصاوي. مادلين طبر الفنانة اللبنانية المقيمة في مصر تؤكد أنها حملت عصا غليظة ورابطت أمام بيتها في ضاحية المهندسين لحمايته من هجمات محتملة للصوص والبلطجية. وطالب عزت العلايلي بحل مجلسي الشعب والشورى ومحاكمة رموز النظام، فيما ظهرت الفنانة تيسير فهمي على شاشة إحدى الفضائيات وسط الحشود في ميدان التحرير وهي تهتف مطالبة بسقوط النظام. وإذا كانت القناة الأولى للتلفزيون المصري قد تفرغت لمتابعة الأحداث بمنظور قديم لا يلائم التغيير على أرض الواقع، فإن قنواته الأخرى انشغلت ببث المسلسلات والإعلانات التجارية «المستفزة» على مدار الساعة، وكأن البلد لا يعيش في حال غليان. وسار على النهج ذاته عدد من القنوات التلفزيونية الخاصة، مثل «ميلودي» التي يملكها رجل الأعمال جمال مروان، و «الحياة» التي يملكها رجل الأعمال السيد البدوي. استوديوات الهواء في حال طوارئ لمتابعة الأحداث التي لا يستطيع أحد التنبؤ بوجهتها النهائية، فيما تحولت الاستوديوات الأخرى الخاصة بتصوير المسلسلات الى أطلال، إذ انشغلت أطقمها إما بالانضمام الى الثائرين أو البقاء في المنازل إيثاراً للسلامة.