واشنطن، نيويورك، ديترويت - أ ف ب - بعد 77 عاماً على تأسيسها، أشهرت المجموعة الأميركية لتصنيع السيارات «جنرال موتورز» أمس، إفلاسها أمام محكمة الإفلاس في المنطقة الجنوبية من نيويورك، بحسب وثيقة نشرت على موقع المحكمة الإلكتروني. والمحكمة هي ذاتها التي تتولى ملف «كرايسلر»، ثالث مجموعة لتصنيع السيارات الأميركية التي أشهرت إفلاسها في 30 نيسان (أبريل). وأعلنت الحكومة الأميركية أول من أمس ان «جنرال موتورز» ستشهر إفلاسها لتخضع لعملية إعادة هيكلة جذرية بأموال عامة. ولم تعلق المجموعة في اتصال هاتفي اجرته معها وكالة «فرانس برس» أمس على نبأ اشهار افلاسها. وقال ناطق باسمها ان بياناً في هذا الصدد سيُنشر خلال ساعات على موقع الشركة الإلكتروني. وكان متوقعاً ان يلقي الرئيس الأميركي باراك أوباما كلمة حول إعادة هيكلة قطاع السيارات وأن يعقد المدير العام ل «جنرال موتورز» فريتز هندرسون مؤتمراً صحافياً في وقت لاحق أمس. وستتأسس شركة جديدة لاستعادة الأصول المربحة للمجموعة التي تتقلص التزاماتها المالية الى أكثر من النصف، كما قال مسؤول رفيع المستوى في إدارة أوباما في مؤتمر هاتفي: وتقدم الحكومة الفيديرالية الأميركية 30.1 بليون دولار إلى الشركة وتتملك 60 في المئة من رأس مالها. وتقدم الدولة الكندية ومقاطعة أونتاريو 9.5 بليون دولار وتحصلان على 12 في المئة من الأسهم. ويحصل صندوق التقاعد للعاملين في «جنرال موتورز» على 17.5 في المئة. ويعود 10 في المئة من الأسهم الى قدامى الدائنين الذين اكتتبوا في خطة إعادة الهيكلة. وأكدت «جنرال موتورز» أنها ستقفل بموجب خطتها لإعادة الهيكلة 11 مصنعاً وستجمد العمل في ثلاثة مصانع. ويشكل إعلان افلاس «جنرال موتورز» نهاية حلم للعمال الأميركيين، يقوم على أساس تأمين وظيفة مدى الحياة وضمان رفاهية تحظى بها الطبقة المتوسطة في الولاياتالمتحدة. ويقول أستاذ علاقات العمل في «جامعة كلارك» غاري شايسون، ان «جنرال موتورز رمز للحياة الجيدة، فهناك نوع من العقد الاجتماعي يعمل الفرد بموجبه بجهد ويتقاضى بضمانة وظيفته بدل أتعابه وراتباً جيداً». وتعتبر الوظيفة في هذه الشركة فرصة ذهبية للعامل الأميركي تفتح أمامه فرصاً يقدمها لأولاده. ويشير شايسون إلى ان «الوظيفة في جنرال موتورز تنتقل عبر الإرث». وفي ديترويت، مهد صناعة السيارات الأميركية مثل كل ولايات الوسط الغربي في الولاياتالمتحدة، أشاع نجاح «جنرال موتورز»، أول شركة لصناعة السيارات العالمية على مدى 77 سنة، ازدهاراً سمح بإنشاء مصانع ومشغلين متعاملين معها. وتمكن «اتحاد عمال السيارات» من التفاوض على رواتب مرتفعة لإفساح المجال أمام العمال كي يشتروا منازل في المدن وفي الأرياف وقوارب، أو يذهبوا في عطلة، إلى جانب اقتناء سيارات بأسعار مخفضة. وكانت الشركة تتولى الضمان الصحي للموظفين مع ضمان راتب التقاعد. لكن هذا الحلم بدأ يتلاشى اعتباراً من الثمانينات حين بدأت الشركة بنقل مصانعها إلى المكسيك وآسيا. وافتقرت مدن بكاملها مثل فلينت بالقرب من ديترويت، إذ خلت المنازل والمتاجر من اصحابها. وتراجع عدد الموظفين المسجلين في النقابات من 440 ألفاً في الولاياتالمتحدة عام 1981 الى 62 ألفاً في 2008. وتتضمن آخر خطة لإعادة الهيكلة خفضاً جديداً لعدد العمال ليصل الى 38 ألفاً في 2010. لكن حتى حين كانت المصانع تغلق أبوابها، تمكن العمال من الحفاظ على رواتبهم والمنافع التي كانوا ينالونها حتى 2005 حين وافقت النقابة على خفض عدد الموظفين الى النصف وخفض رواتب التقاعد أو حتى التخلي عن حق الإضراب حتى 2015.