يواصل الفنان اللبناني مارسيل خليفة ممارسة «جنونه التجريبي» الذي أدهش جمهوراً متعدد الجنسيات، تقاطر لمتابعته في حفلة افتتاح «مهرجان الموسيقى الروحية» في مدينة فاس المغربية. وبحسب موقع «سي أن أن» الإلكتروني، فإن منظمي الحفلة أرادوها تكريماً لروح الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، قدم خليفة نخبة من أعماله، بتوزيعات موسيقية جديدة، تخللتها فواصل مرتجلة وحواريات مذهلة بين عازفي فرقة «الميادين» التي صاحبته، ولو بعناصر متغيرة، عبر مسيرته الطويلة منذ منتصف السبعينات. وأمام عقيلة العاهل المغربي الأميرة سلمى، التي تابعت الحفلة حتى نهايتها، أهدى خليفة أغنية «عصفور» التي أدتها أميمة الخليل، للسجناء العرب في سجون إسرائيل، و «أيضاً للسجناء العرب في السجون العربية». وبدا مارسيل في عزفه الإيقاعي المتوثب على العود، شاباً متجدداً وهو يحاور ابنه رامي، المتألق على البيانو، والذي أبهر جمهوراً أتى من بلدان أوروبية وأميركية، فضلاً عن المغرب، بجرأته وبهلوانياته الموسيقية، مطوعاً آلة تكاد تصبح جزءاً منه. وقال مارسيل خليفة في ندوة صحافية عقب الحفلة التي استمرت حتى الثانية فجراً، ان انضمام نجليه بشار ورامي إلى فرقة «الميادين» ليس مجاملة لهما، بل لأنهما «فنانان حقيقيان» يرى فيهما المستقبل، مبرزاً أن «الجنون الذي شاهدناه خلال الحفلة وليد الأجواء الخاصة، ويتغير شكله وتعبيره بتغير هذه الأجواء». ورداً على سؤال «سي أن أن» عن مغزى الالتزام في تجربة مارسيل، شدد الفنان اللبناني على أن هذا المفهوم لا يختزل في الموقف السياسي للفنان، بل ينصرف أساساً إلى عنصر الصدق الفني واحترام الجمهور. وأبدى انزعاجه من تصنيفه أو تقييم أعماله من زاوية الموقف السياسي أو الوطني، قائلاً: «لكم أن تبحثوا عن ورود كلمة فلسطين أو لبنان مرة واحدة في أعمالي. لن تجدوها. الالتزام حاضر سواء في تناول الحب أو الأم أو العلاقات الإنسانية أو... الأرض». وأوضح أن القضايا القومية لا تحضر في أعماله إلا لكونها «قضايا عادلة»، وهي لا تمنعه من خوض رهان الحوار الحضاري والفني مع الآخر، في إشارة إلى تجاربه المنفتحة على تيارات موسيقية متنوعة، وإلى أعماله المشتركة مع عدد من الفنانين الغربيين. وحول علاقته الإنسانية والفنية الطويلة مع الراحل محمود درويش، قال خليفة: «إنه شاعر لا يشبهه أي شاعر آخر»، وأهدى له في الحفلة قصيدة «يطير الحمام... يحط الحمام». وافتتح خليفة برنامجاً غنياً للدورة ال 15 لمهرجان فاس للموسيقى العريقة، والذي يعد واحداً من أبرز التظاهرات العالمية في هذا النمط الموسيقي، إذ يستضيف أسماء كبيرة في مجال الموسيقى الروحية والغناء الصوفي، تنتمي إلى الديانات السماوية الثلاث. ويشمل برنامج الدورة التي تستمر حتى السادس من الشهر الجاري، تقديم أناشيد صوفية مغربية، وعروضاً من فن «القوالي» الباكستاني و «غوسبل أند سول» الأميركي، و «سيتا» المسيحية، والإيقاع الإيراني ... والدراويش التركية.